يكون جزاءً، وبالنظر إلى أنه لا يجب على الله لأحد شيء يكون تفضلًا وعطاء، وهذا الكلام في مقابلة قوله سابقًا: {جَزَاءً وِفَاقًا (26)} لأن جزاء المؤمنين من قبيل الفضل لتضاعفه، وجزاء الكافرين من قبيل العدل.
وقوله: {عَطَاءً} بدل من {جَزَاءً} بدل الكل؛ لأن العطاء والجزاء متحدان ذاتًا، وان تغايرا في المفهوم، وفي جعله بدلًا من {جَزَاءً} نكتة لطيفة، وهي: أن بيان كونه عطاءً تفضلًا منه، هو المقصود، وبيان كونه جزاءً وسيلة إليه، فإن حق البدل أن يكون مقصودًا بالنسبة، وذكر المبدل منه وسيلة إليه، وقال بعضهم: العطاء من الله موضع الفضل لا موضع الجزاء، فالجزاء على الأعمال، والفضل: موهبة الله يختص به الخواص من أهل وداده، وقيل: معنى {حِسَابًا}؛ أي (?): جزاء وعطاء على حسب أعمالهم، بأن يجازي كل عملٍ بما وعد له من الأضعاف من عشرة وسبع مئة، وغير حساب، فما وعده الله تعالى من المضاعفة داخل في الحسب؛ أي: المقدار؛ لأن الحسب - بفتح السين وسكونها - بمعنى: القدر، والتقدير على هذا: عطاء بحساب، فحذف الجار ونصب الاسم؛ أي: عطاء بحسب وقدر ما وجب لهم في وعد الرب سبحانه، فإنه وعد للحسنة عشرًا، ووعد لقوم سبع مئة، وقد وعد لقوم جزاءً بغير حساب؛ أي: لا نهاية له ولا مقدار، كقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
وقال أبو عبيدة: {حِسَابٍ}؛ أي: كافيًا. وقال ابن قتيبة: كثيرًا، يقال: أحسبت فلانًا؛ أي: أكثرت له العطاء. وقال الزجاج: حسابًا؛ أي: ما يكفيهم.
وقرأ الجمهور (?): {حِسَابًا} بكسر الحاء وفتح السين المخففة؛ أي: كافيًا، وقرأ ابن قطيب وأبو هاشم: {حسابا} بكسر الحاء وتشديد السين، وهو مصدر مثل كذاب، أقيم مقام الصفة؛ أي: إعطاء محسبًا؛ أي: كافيًا، وقرأ ابن عباس والسراج: {حسنا} بالنون من الحسن، وحكى عنه المهدوي: {حسبا} بفتح الحاء وسكون السين، وبالباء نحو قولك: حسبك كذا؛ أي: كافيك.
37 - {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} بدل من {رَبِّكَ}، والمراد: رب كل شيء وخالقه ومالكه {الرَّحْمَنِ}؛ أي: مفيض الخير والجود على كل موجود بحسب حكمته، وبقدر استعداد