أي حقًا يعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، ويعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم.
والمعنى: أي: ليس (?) الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون البعث بعد الموت، ثم توعدهم بأنهم سيعلمون إذا ما عاينوا بأنفسهم حقيقة ما كانوا ينكرون، وتنقطع عنهم الريبة حين يسأل كل عامل عما عمل، ويفصل بين الخلائق.
وقصارى ذلك: فليزدجروا عما هم فيه، فإنهم سيعلمون عما قليل حقيقة الحال إذا حل بهم العذاب والنكال، وأن ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق لا شك فيه ولا ريب،
5 - ثم أكد هذا الوعيد بقوله: {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)} تكرير (?) للردع والوعيد للمبالغة في التأكيد والتشديد في الوعيد، و {ثُمَّ} للدلالة على أن الوعيد الثاني أبلغ وأشد، يعني: أن {ثُمَّ} موضوعة للتراخي الزماني، وقد تستعمل مجازًا في التراخي الرتبي؛ أي: لتباعد ما بين المعطوفين في الشدة والفظاعة، وذلك لتثبيه التباعد الرتبي بالتراخي الزماني في الاشتمال على مطلق التباعد بين الأمرين، والمعنى المجازي هو المراد هنا؛ لأن المقام مقام التشديد والتهديد، وذلك إنما يكون آكد بالحمل عليه، وبعضهم حملها على معناها الحقيقي فقال: سيعلمون حقيته عند النزع، ثم في يوم القيامة، ولا شك أن القيامة متراخية بحسب الزمان عن وقت النزع، فـ {كَلَّا} ردع لهم عن التساؤل والاختلاف بالمعنيين المذكورين، و {سَيَعْلَمُونَ} وعيد لهم بطريق الاستئناف، وتعليل للردع، والسين للتقريب والتأكيد، وليس مفعوله ما ينبىء عنه المقام من وقوع ما يتساءلون عنه، ووقوع ما يختلفون فيه، بل هو عبارة عما يلاقون من فنون الدواهي والعقوبات، والتعبير عن لقائها بالعلم لوقوعه في معرض التساؤل والاختلاف، والتقدير: أي سيعلمون ما يحل بهم من فنون العقوبات.
وقرأ الجمهور (?): {سَيَعْلَمُونَ} بياء الغيبة في الموضعين، وقرأ الحسن وأبو العالية وابن دينار وابن عامر في روايةٍ عنه بالفوقية على الخطاب في الموضعين، وقرأ الضحاك: الأول بالفوقية، والثاني بالتحتية، وقال الضحاك أيضًا: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4)}