إيلامًا لأنفس الضالين المكذبين.
قوله تعالى: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...} إلى آخر السورة، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه لما ذكر أن يوم القيامة موعد للفصل بين الخلائق، وتنتهي به أيام الدنيا، وأن دار العذاب معدة للكافرين، وأن الفوز بالنعيم للمتقين .. أعقب ذلك بأن هذا يوم يقوم فيه جبريل والملائكة صفًا صفًا لا يتكلمون إلا إذا أذن لهم ربهم، وقالوا قولًا صحيحًا، ثم أتبعه بأن هذا اليوم حق لا ريب فيه، وأن الناس فيه فريقان: فريق بعيد من الله، ومرجعه إلى النار، وفريق مآبه القرب من الله، ومنازل الكرامة، فمن كانت له مشيئة صادقة .. فليتخذ مآبًا إلى ربه، وليعمل عملًا صالحًا يقربه منه، ويحله محل كرامته.
ثم عاد إلى تهديد المعاندين وتحذيرهم من عاقبة عنادهم، وأنهم يعلمون غدًا ما قدمته أيديهم، ويرونه حاضرًا لديهم، وحينئذٍ يندمون، ولات ساعة مندم، ويبلغ من أَمْرِهم أن يقولوا: ليتنا كنا ترابًا لم نصب حظًا من الحياة.
أسباب النزول
لما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برسالة رب العالمين إلى العرب خاصة، وإلى الناس كافةً، وأمرهم بتوحيد الله عَزَّ وَجَلَّ، وصاع بأمر الله وبلغهم بالبعث والنشور بعد الموت، وتلا عليهم القرآن العظيم .. جعلوا يتساءلون بينهم، فكانوا كلما اجتمعوا في ناد من أنديتهم، أو ندوة من ندواتهم .. أخذوا يتحدثون في شأن محمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته وما جاء به من ربه، ويسأل بعضهم بعضًا، ويسألون غيرهم عن طريق الإنكار عليه، ويتعجبون منه، ويقولون ما الذي أتى به محمد، وهل هو ساحر، أم شاعر، أم كاهن، أم اعتراه بعض آلهتنا بسوء؟ فنزلت هذه السورة إنكارًا عليهم، وتعجيبًا من تساؤلهم.
التفسير وأوجه القراءة
1 - {عَمَّ}: أصله (?): عن ما، أدغمت النون في الميم لاشتراكهما في الغنة،