مطرد في الواو والياء. {فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ} يقال: جبيت الماء في الحوض: جمعته، والحوض الجامع له: جابية، والاجتباء: الجمع على طريق الاصطفاء. {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا} أصل يكاد: يكون، قلبت حركة الواو إلى الكاف ثم أبدلت ألفا لتحركها في الأصل وفتح ما قبلها في الحال. {لَيُزْلقُونَكَ}؛ أي: ينظرون إليك نظرًا شديدًا يكاد يصرعك ويسقطك من مكانك.
البلاغة
وقد تضمنت هذه السورة الكريمة ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: المناسبة اللفظيَّة في قوله: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)} إلى قوله: {غَيْرَ مَمْنُونٍ}، وهي عبارة عن الإتيان بلفظات متّزنات مقّفات.
ومنها: الجناس الناقص بين لفظي {مَجْنُونٍ} و {مَمْنُونٍ} لاختلاف الحرف الثاني.
ومنها: الوعيد والتهديد في قوله: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5)} وحذف المفعول فيه للتهويل؛ أي: يوم القيامة.
ومنها: إعادة {أَعْلَمُ} في قوله: {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} لزيادة التقرير والتأكيد.
ومنها: التهييج للتصميم على مباينتهم ومخالفتهم في قوله: {فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8)}.
ومنها: صيغ المبالغة في قوله: {كُلَّ حَلَّافٍ} {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ} {مَنَّاعٍ} {أَثِيمٍ} {زَنِيمٍ}.
ومنها: المناسبة في مجيء هذه الصفات مسرودة على نمط عجيب خلاب، فجاء {حَلَّافٍ} وما بعده {مَهِينٍ}؛ لأنّ النون فيها مع الميم تراخ، ثم جاء {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} بصفتي المبالغة ثم جاء {مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12)}، وبعدما عد له من المثالب والنقائص أتى بصفتين من أشد معايبه.
ومنها: الاستعارة في قوله: {هَمَّازٍ}، لأنه حقيقة في الضراب والطعان، فاستعير للمغتاب الذي يذكر الناس بالمكروه ويظهر عيوبهم ويكسر أعراضهم كأنّه يضربهم بأذاه إيّاهم.