وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله. يعني (?): أنه كما ليس لهم دليل عقلي في إثبات هذا المذهب، وهو التسوية بين المحسن والمسيء كما قال: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)}، ولا دليل نقلي، وهو كتاب يدرسونه، ولا عهود موثقة بالأيمان فليس لهم من يوافقهم من العقلاء على هذا القول حتى يقلدوهم، وإن كان التقليد لا يفلح من تشبث بذيله. فثبت أن ما زعموا باطل من كل الوجوه. وقيل: المعنى (?) أم لهم شركاء وآلهة يجعلونهم مثل المسلمين في الآخرة.
وقصارى هذا الحجاج (?): نفي جميع ما يمكن أن يتعلقا به في تحقيق دعواهم، فنبه أوَّلًا إلى نفي الدليل العقلي بقوله: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} ثم إلى نفي الدليل النقلي بقوله: {أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (37)} ثم إلى نفي الوعد بذلك ووعد الكريم دين عليه بقوله: {أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا} ثم إلى نفي التقليد الذي هو أوهن من حبال القمر بقوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ}.
وقرأ الجمهور (?): {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ} وقرأ عبد الله وابن أبي عبلة {فليأتوا بشركهم}. قيل: والمراد في القراءتين الأصنام، أو ناس يشاركونهم في قولهم ويوافقونهم فيه؛ أي: لا أحد يقول بقولهم كما أنه لا كتاب لهم ولا عهد من الله، ولا زعيم بذلك فليأتوا بشركائهم. وهذا استدعاء وتوقيف وتعجيز.
42 - وقوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} منصوب بـ (اذكر) المقدر، و {عَنْ سَاقٍ} نائب فاعل لـ {يُكْشَفُ}، والمراد به يوم القيامة؛ أي: واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين ولسائر أمّتك أهوال يوم يكشف الله سبحانه عن ساقه، ويتجلى لعباده، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة. وقيل: الساق متعلق بقوله: {فَلْيَأْتُوا} أي: فليأتوا بشركائهم، وآلهتهم يوم يكشف عن ساق ليشفعوا لهم. وقيل: التقدير: يوم يكشف عن ساق كان كيت وكيت، حذف للتهويل العظيم بما يكون فيه من الحوادث. {وَيُدْعَوْنَ} أي: ويُدعى الكفّار والمنافقون {إِلَى السُّجُودِ} له تعالى توبيخًا وتعنيفًا لهم على تركهم إيّاه في الدنيا، وتحسيرًا لهم على تفريطهم في ذلك، لا على سبيل التكليف والتعبّد؛ لأنَّ يوم القيامة ليس دار تعبّد وتكليف. {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}؛ أي: الكفرة والمنافقون على