كانوا يتآمرون بينهم بأن يهلكوهم بالقتل ونحوه، فأمره أن يقول لهم بقوله: {قُلْ} لهم يا محمد {أَرَأَيْتُمْ}؛ أي: أخبروني خبرًا أنتم في الوثوق به على ما هو كالرؤية، قال بعضهم: لمّا كانت الرؤية سببا للإخبار عبَّر بها عنه، وقال بعضهم: لما كان الإخبار قويًّا بالرؤية شاع أرأيت في معنى أخبر؛ أي: أخبروني {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ} سبحانه وتعالى بموت أو قتل؛ أي: إن أماتني الله {وَمَنْ مَعِيَ} من المؤمنين، وحصل مقصودكم، والتعبير (?) عن الموت بالإهلاك ما كانوا يدعون عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلى المؤمنين بالهلاك، ويتربّصون به ريب المنون، ويقولون: إنّ أمر محمد لا يتم ولا يبقى بل يزول عن قريب. {أَوْ رَحِمَنَا} بتأخير آجالنا، وحصل مقصودنا فنحن في جوار رحمته، متربّصون لإحدى الحسنيين إما أن نهلك فننقلب إلى الجنة أو نرحم بالنصرة والإدالة للإسلام، كما نرجو فأنتم ما تصنعون؟ وأيُّ راحة لكم في موتنا؟ وأيُّ منفعة؟ وغايتكم إلى العذاب كما قال تعالى: {فَمَنْ يُجِيرُ} وينجي، وينقذ ويخلص {الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} أي: مؤلم شديد الإيلام؛ أي: لا ينجيكم أحد من عذابه إذا نزل بكم سواءً متنا أو بقينا، إنما النجاة بالإيمان والعمل الصالح.
ووضع (?) الكافرين موضع ضمير هم للتسجيل عليهم بالكفر وتعليل نفي الإنجاء به، وقال بعضهم: كيف قال: {إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ ...} إلخ، بعد أن علم أنه تعالى لا يهلك الأنبياء والمؤمنين؟
قلت: فيه مبالغة في التخويف كأنه قيل: نحن معاشر الأنبياء والمؤمنين، نخاف الله أن يأخذنا بذنوبنا فمن يمنعكم من عذابه وأنتم كافرون؟ وكيف لا تخافون وأنتم بهذه المشابة من الإجرام؛ فيكون معنى أهلكنا عذبنا بعذاب، ومعنى {رَحِمَنَا} غفر لنا، كما في الجلالين.
والحاصل: أنه تعالى (?) أجاب عن تمني المشركين موته - صلى الله عليه وسلم - وموت من معه بوجهين:
بقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ ...} إلخ، يعني: قل لهم موبخًا: أخبروني