[27]

أخبركم بأن ذلك كائن لا محالة، فاحذروه. ونحو الآية قوله تعالى: {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} ثم بين وظيفة الرسول، فقال: وإنما أنا منذر من عند ربي، أبين لكم شرائعه ما حلل منها وما حرم، لتكونوا على بينةٍ من أمركم، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم.

27 - ثم بين حالهم حين نزول ذلك الوعد الموعود، فقال: {فَلَمَّا رَأَوْهُ} الفاء عاطفة لجملة {لما} على جملتين محذوفتين، والرؤية بصرية، وعبّر (?) بصيغة الماضي عما في المستقبل تنزيلًا لغير الواقع منزلة الواقع لتحققه، والتقدير: وأتاهم الحشر والعذاب الموعود فرأوه، فلما رأوه {زُلْفَةً} حال من مفعول رأوا؛ لأن رأى بصرية تتعدى إلى مفعول واحد، كما ذكرناه آنفًا إما بتقدير مضاف، أي ذا زلفة وقرب، أو على أنه مصدر بمعنى الفاعل؛ أي: مزدلفًا قريبًا. معنى قرب الحشر هو قرب ما أعد لهم فيه، أو ظرف؛ أي: رأوه في مكان ذي زلفة. قال مجاهد: فلما رأوه زلفة أي: قريبًا. وقال الحسن: عيانًا، قال أكثر المفسرين: المراد به عذاب يوم القيامة. وقال مجاهد: المراد عذاب بدر. وقيل: فلما رأوا ما وعدوا به من الحشر قريبًا منهم كما يدل عليه قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. وقيل: فلما رأوا عملهم السيء قريبًا {سِيئَتْ} واسودت، وعبست {وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وعلتها الكآبة، ورهقها القتر، وغشيتها الذلة. قال الزَّجَّاج: المعنى: تبين فيها السوء والحزن؛ أي: ساءهم ذلك العذاب؛ فظهر عليهم بسببه في وجوههم ما يدل على كفرهم؛ وهو السواد والقتر والذلة كقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}.

وخص الوجوه بالذكر؛ لأنّ الوجه هو الذي يظهر عليه أثر المسرّة والمساءة، ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمّهم بالكفر وتعليل المساءة به، وأصل الكلام: ساءت رؤية الموعود وجوههم، فكانت كوجه من يقاد إلى القتل أو يعرض على بعض العذاب، من ساءه الشيء يسوؤه سوءًا ومساءةً، ضد سره، ثم بني للمفعول، والفعل في الحقيقة مسند إلى أصحاب الوجوه بمعنى ساؤُوا وقبحوا.

وقرأ الجمهور (?): {سِيئَتْ} بكسر السين بدون إشمام، أي: أخلصوا كسرتها. وأشمها الضم أبو جعفر، والحسن، وأبو رجاء، وشيبة، وابن وثاب، وطلحة، وابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015