[21]

{مَنْ} بتقدير القول و {ينصركم} و {أَمْ} منقطعة أو متصلة، والقرينة محذوفة بدلالة السياق، على أن يكون المعنى: الله الذي له هذه الأوصاف الكاملة والقدرة الشاملة ينصركم وينجيكم من الخسف والحصب إن أصابكم أم الذي يشار إليه ويقال في حقه هذا الذي تزعمون أنّه جندٌ لكم ينصركم من دون الله سبحانه؟ وإيثار الرحمن للدلالة على أنّ رحمة الله هي المنجية من غضبه لا غير.

وقرأ الجمهور (?): {أَمن} بإدغام ميم (أم) في ميم (مَن) إذ الأصل: أَمْ مَنْ، وقرأ طلحة (أمَن) بتخفيف الميم.

{إِنِ الْكَافِرُونَ} {إنْ} نافية بمعنى ما؛ أي: ما هم في زعمهم أنّهم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتهم لا بحفظه تعالى فقط، أو أنّ آلهتهم تحفظهم من بأس الله. {إلَّا في غُرُورٍ} عظيم أو ضلالٍ فاحشٍ من جهة الشيطان، ليس لهم في ذلك شيء يعتد به في الجملة. وجملة قوله: {إِنِ الْكَافِرُونَ} إلخ، معترضة مقررة لما قبلها، ناعيةً عليهم ما هم فيه من الضلال، والالتفات (?) إلى الغيبة للإيذان باقتضاء حالهم الإعراض عنهم وبيان قبائحهم لغيرهم، والإظهار في موضع الإضمار لذمّهم بالكفر وتعليل غرورهم به.

والمعنى: بل مَنْ هذا الذي يعينكم في دفع العذاب عنكم إذا أراد بكم سوءًا؟ فما أنتم في زعمكم أنكم محفوظون من النوائب بحفظ آلهتكم لا بحفظ الله لكم إلّا في ضلال مبين، وقد أغواكم الشيطان، وغرّكم بهذه الأمانيّ الباطلة. وفي قوله: {مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ} إشارةٌ إلى أنه برحمته أبقى الناس في الأرض مع ظلمهم وجهالتهم؛ إذ رحمته وسعت كل شيء، فوسعت البر والفاجر والطير في السماء والأنعام في الأرض.

21 - ثم انتقل من توبيخهم على دعوى ناصر سواه إلى توبيخهم على دعوى رازقٍ غيره، فقال: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ} أي: بل من هذا الذي يعطيكم الرزق {إِنْ أَمْسَكَ} الرحمن، وحبس {رِزْقَهُ} بمساك المطر ومباديه، ولو كان الرزق موجودًا أو كثيرًا وسهل التناول فوضع الأكلة في فمه فأمسك الله عنه قوة الابتلاع لعجز أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015