[17]

فيها، وخسفها ذهابها في السفل. والمشهور أن الباء في مثل هذا الموضع للتعدية؛ أي: يدخلكم ويذهبكم فيها. {فَإِذَا} فجائية {هِيَ} أي: الأرض {تَمُورُ} أي: تضطرب وتتحرّك ذهابًا ومجيئا على خلاف ما كانت عليه من الذلّ والاطمئنان، أو تذهب كما يذهب التراب في الريح. وقال بعضهم: معناه: فإذا الأرض تدور بكم إلى الأرض السفلى، وبعضهم قال: تتكّشف تارة للخوض فيها وتلتئم أخرى للتعذيب بها. والاستفهام للتوبيخ المضمَّن للإنكار، أي: لا تأمنوا مكره وخسفه بكم إن عصيتموه. وقال الخازن: المعنى: أنّ الله تعالى يحرّك الأرض عند الخسف بهم حتى تقلبهم إلى أسفل، وتعلو الأرض عليهم وتمور فوقهم؛ أي: تجيء وتذهب.

قرأ نافع وأبو عمرو والبزّي (?): {أأمنتم} بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية، وأدخل أبو عمرو وقالون بينهما ألفًا. وقرأ قنبل بإبدال الأولى واوًا لضمة ما قبلها، وعنه وعن ورش أوجه غير هذه، والكوفيون وابن عامر بتحقيقهما.

والمعنى: أأمنتم أن يخسف ربكم بكم الأرض كما خسفها بقارون؛ فإذا هي تتحرك بكم حين الخسف، وتبتلعكم وتمور فوقكم جيئة وذهابًا.

17 - ثم انتقل سبحانه من التهديد بهذا إلى التهديد بوجه آخر، فقال: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} أم منقطعة بمعنى بل الإضرابية، وهمزة الاستفهام الإنكاري، أضرب بها عن التهديد بما سبق إلى التهديد بأمر آخر؛ أي: بل هل أمنتم الإله الذي في السماء أن يرسل وينزل عليكم أيها المشركون حاصبًا؛ أي: حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوطٍ وأصحاب الفيل؛ أي: أم أمنتم من في السماء إرساله عليكم حاصبًا على أن قوله: {أَنْ يُرْسِلَ} بدل اشتمال من {مَنْ} أيضًا.

والمعنى (?): هل جعل لكم من هذين أمان، وإذ لا أمان لكم، فما معنى تماديكم في شرككم {فَسَتَعْلَمُونَ} عن قريب ألبتة {كَيْفَ نَذِيرِ}؛ أي: كيف كان إنذاري بالعذاب عند مشاهدتكم للمنذر به أهو واقع أم لا أم شديد أم ضعيف؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015