العرش صفة ثابتة له نثبتها ونعتقدها. وقيل: على تأويل من في السماء أمره وسلطانه وقضاؤه وهو كقوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ}. وحقيقته (?) أأمنتم خالق السماء ومالكها.

وفي "الأسئلة المقحمة": خصّ السماء بالذكر إشعارًا بأنّ الأصنام التي في الأرض ليست بآلهة، لا لأنّه تعالى في جهة من الجهات؛ لأنّ ذلك من صفات الأجسام، وأراد أنه فوق السماء والأرض فوقيّة القدرة والسلطنة لا فوقية الجهة انتهى. على أنّه لا يلزم من الإيمان بالفوقية الجهة، فقد ثبت؛ لأنّ فوقيته ليست كفوقية المخلوق لا نمثّلها ولا نكيّفها كما أنّ ظرفيته في السماء ليست كظرفية بعض المخلوقات في بعض، تعالى الله سبحانه عن صفات المخلوقين علوًا كبيرًا. وقيل: خصّ السماء بالذكر؛ لأنّها مسكن ملائكته، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه. وقيل: الظرفية باعتبار زعم العرب حيث كانوا يزعمون أنّه تعالى في السماء.

أي: أأمنتم من تزعمون أنّه في السماء، وأنّه متعال عن المكان، وأمّا رفع الأيدي إلى السماء في الدعاء؛ فلكونها محلّ البركات، وقبلة الدعاء كما أنّ الكعبة قبلة الصلاة وجناب الله قبلة القلب، وقيل: المراد بمن في السماء الملائكة الموكّلون بتدبير هذا العالم. وقيل: المراد بمن في السماء جبريل عليه السلام؛ لأنّه يأتي بالخسف والعذاب. والقول الأسلم الأرجح الذي عليه أهل السنة القول الأوّل كما ذكرناه سابقًا، وقال ابن عباس (?): أأمنتم عذاب من في السماء، وهو الله عزّ وجلّ.

أي: هل أمنتم أيّها المشركون الإله الذي في السماء إن عصيتموه {أَنْ يَخْسِفَ} ويقلع {بِكُمُ الْأَرْضَ} ويغيّبكم فيها، بعدما جعلها لكم ذلولًا تمشون في مناكبها، وتأكلون من رزقه لكفرانكم تلك النعمة؛ أي: يقلبها متلبسمة بكم فيغيّبكم فيها كما فعل بقارون، وهو بدل اشتمال من {مَنْ} الموصولة، أي: أأمنتم من في السماء خسفه بكم الأرض إن عصيتموه، أو على حذف (مِنْ) الجارَّة؛ أي: مِنْ أن يخسف بكم، والباء للملابسة، وفي "القاموس": خسف الله بفلان الأرض غيبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015