والأدب الشرعي هما الحسب المحسوب من الفضائل. فعلى العاقل: أن يتحلى بالورع، وهو: الاجتناب عن الشبهات، والتقوى وهو: الاجتناب عن المحرمات، ويتزين بزين المكارم والأخلاق الحسنة، والأوصاف الشريفة المستحسنة.
6 - ولما وعظ سبحانه أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - موعظة خاصة .. أتبع ذلك بموعظة عامة للمؤمنين وأهليهم، فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} بالله ورسوله {قُوا أَنْفُسَكُمْ}؛ أي: احفظوا أنفسكم، وبعِّدوها من النار بترك المعاصي، وفعل الطاعات أمر من الوقاية، بمعنى الحفظ والحماية كما سيأتي. والأنفس: جمع نفس، والمراد بالنفس هنا: ذات الإنسان، لا النفس الأمارة، {و} قوا {أَهْلِيكُمْ} بالنصح والتأديب؛ لأن رب المنزل راع، وكل راع مسؤول عن رعيته. ومعنى وقايتهم: حملهم على طاعة الله وإلزامهم أداء ما فرض عليهم.
وقرىء (?): {وأهلوكم} بالواو عطفًا على الضمير في {قُوا}، وحسن العطف للفصل بالمفعول، و {أَنْفُسَكُمْ} واقع بعده في التقدير؛ أي: قوا أنتم وأهلوكم أنفسكم، ولما جمعت مع المخاطب الغائب غلبته عليه فجعلت ضميرهما معًا على لفظ المخاطب. وأصله: أهلين، جمع أهل، حذفت النون للإضافة، وقد يجمع على أهالي على غير قياس، وهو كل من في عيال الرجل ونفقته، من المرأة والولد، والعبد والأمة، ويفسر بالأصحاب.
{نَارًا} عظيمة هائلة {وَقُودُهَا}؛ أي (?): ما توقد به تلك النار يعني: حطبها. فالوقود - بالفتح -: اسم لما توقد به النار من الحطب وغيره والوقود - بالضم - مصدر بمعنى الاتقاد. وقرىء به على تقدير مضاف؛ أي: أسباب وقودها، أو بالحمل على المبالغة. {النَّاسُ}؛ أي: كفار الإنس والجن، وإنما لم يذكر الجن أيضًا لأن المقصود تحذير الإنس، ولأن كفار الجن تابع لكفار الإنس؛ لأن التكذيب إنما صدر أولًا من الإنس. {وَالْحِجَارَةُ}؛ أي: تتقد بالحجارة أيضًا اتقاد غيرها بالحطب. ففيه بيان لغاية إحراقها وشدة قوتها، فإن اتقاد النار بالحجارة مكان الحطب من الشجر يكون من زيادة حرها. لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم".