ونزل عليه جبرائيل عشر مرات، ونزل على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أربعةً وعشرين مرة، وأمته أمة مرحومة جامعة لجميع المسلكات الفاضلة. قيل: قال الحواريون لعيسى عليه السلام: يا روح الله! هل بعدنا من أمة؟ قال: نعم، أمة محمد، حكماء علماء، أبرار أتقياء؛ كأنهم من الفقه أنبياء، يرضون من الله باليسير من الرزق، ويرضي الله عنهم باليسير من العمل.
وأحمد اسم نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ويحتمل أن يكون منقولًا من المضارع المبدوء بالهمزة، وأن يكون منقولًا من صفة. وهي أفعل التفضيل، وهو الظاهر. قال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
صَلَّى الإِلهُ وَمَنْ يَحُفُّ بِعَرْشِهِ ... وَالطَّيبُونَ عَلَى الْمُبَارَكِ أَحْمَدِ
وكذا محمد، فإنه منقول من الصفة أيضًا، وهو في معنى: محمود، ولكن فيه معنى المبالغة والتكرار، فإنه محمود في الدنيا بما هدي إليه ونفع به من العلم والحكمة، ومحمود في الآخرة بالشفاعة. ومعنى أحمد: أحمد الحامدين لربه، ومعنى محمد: محمود عند ربه وعند الخلائق. وخص أحمد بالذكر هنا لتقدمه على محمد في المعنى؛ لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له. وقال الراغب: أحمد إشارة للنبي - صلى الله عليه وسلم - باسمه تنبيهًا على أنه كما وجد اسمه أحمد يوجد جسمه، وهو محمود في أخلاقه وأفعاله وأقواله. وخص لفظ أحمد فيما بشر به عيسى تنبيهًا على أنه أحمد منه ومن الذين قبله، انتهى. وقيل: خصه بالذكر لأنه في الإنجيل مسمى بهذا الاسم؛ ولأن اسمه في السماء أحمد فذكر باسمه السماوي. وقال الشوكاني: وأحمد اسم نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وهو عَلم منقول من الصفة، وهي تحتمل أن تكون مبالغة من الفاعل، فيكون معناها: أنه أكثر حمدًا لله من غيره، أو من المفعول، فيكون معناها: أنه يحمد بما فيه من خصال الخير أكثر مما يحمد غيره.
وقرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، والسلمي، وزر بن حبيش، وأبو بكر عن عاصم (?): {مِنْ بَعْدِي} بفتح الياء. وقرأ الباقون بإسكانها.
قال في "فتح الرحمن": لم بسم بأحمد أحد غيره - صلى الله عليه وسلم - ولا دعي به مدعو