التفسير وأوجه القراءة
1 - {سَبَّحَ لِلَّهِ}؛ أي: نزه (?) الله سبحانه عن كل ما لا يليق بجنابه العلي العظيم {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} السبع؛ أي: جميع ما فيها من العلويات الفاعلة. {وَمَا فِي الْأَرْضِ} من السفليات القابلة آفاقًا وأنفسًا؛ أي: سبحه جميع الأشياء من غير فرق بين موجود وموجود، كما قال: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}. وقد تقدم الكلام على وجه التعبير في بعض السور بلفظ الماضي كهذه السورة، وفي بعضها بلفظ المضارع، وفي بعضها بلفظ الأمر، إرشادًا إلى مشروعية التسبيح في كل الأوقات، ماضيها ومستقبلها وحالها. وأعاد الموصول في قوله: {وَمَا فِي الْأَرْضِ} هنا وفي الحشر وفي الجمعة والتغابن جريًا على الأصل، وأسقطه في الحديد موافقة لقوله فيها: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}. اهـ. من "المتشابه".
وفي "الخطيب": فإن قلت: هلَّا قيل: سبح لله السماوات والأرض وما فيهما، فيكون أكثر مبالغة؟
أجيب: بأن المراد بالسماء جهة العلو، فيشمل السماء وما وفيها، وبالأرض جهة السفل، فيشمل الأرض وما فيها.
{وَهُوَ} سبحانه {الْعَزِيزُ} الغالب الذي لا يغالب، ولا يكون إلا ما يريد. {الْحَكِيمُ} في أفعاله وأقواله، الذي لا يفعل إلا بالحكمة، فلا عزيز ولا حكيم على الإطلاق غيره تعالى، فلذا يجب تسبيحه.
والمعنى: أي شهد له تعالى بالربوبية والوحدانية والقدرة وغيرها من صفات الكمال جميع ما في السماوات والأرض وهو الغالب على أمره القاهر فوق عباده، الحكيم في تدبير خلقه وفق ما سنّه من السنن وأرشد إليه من ضروب الهداية.
2 - وبعد أن وصف نفسه بصفات الكمال .. ذكر ما يلحق المخلوقين من صفات النقص، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إيمانًا رسميًا {لِمَ تَقُولُونَ} وتعدون {مَا لَا تَفْعَلُونَ} من الخير. روي: أن المسلمين قالوا: لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا؟ فلما نزل الجهاد .. كرهوه، فنزلت تعييرًا لهم بترك