على مثل اما عملوه في الحال من العمل السوء، مستفاد من {كان} الدالة على الزمان الماضي؛ أي: العمل السيء دأبهم.
والمعنى: أي أرصد الله لهم نكالًا وعذابًا أليمًا، جزاء صنيعهم بغش المسلمين وإطلاع أعدائهم على أسرارهم ونصحهم لهم.
16 - ثم ذكر ما جعلوه تكأة لهم على تصديقهم فقال: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ} الفاجرة التي يحلفون بها عند الحاجة. واليمين في الحلف مستعار من اليد، اعتبارًا بما يفعله المحالف، والمعاهد عنده. {جُنَّةً}؛ أي: كالجنّة وهي الترس الذي يجن صاحبه من السلاح؛ أي: يستره. أي: جعلوها وقاية وسترة يستترون بها من المؤمنين ومن قتلهم ونهب أموالهم.
قرأ الجمهور (?): {أَيْمَانَهُمْ} بفتح الهمزة، جمع يمين. وهي: ما كانوا يحلفون عليه من الكذب بأنهم من المسلمين، توقِّيًا من القتل. فجعلوا هذه الأيمان وقاية وسترة دون دمائهم، كما يجعل المقاتل الجُنة وقاية له من أن يصاب بسيف أو رمح أو سهم. وقرأ الحسن، وأبو العالية: {إيمانهم} بكسر الهمزة، أي: جعلوا تصديقهم جُنة من القتل، فآمنت ألسنتهم من خوف القتل، ولم تؤمن قلوبهم.
فالاتخاذ (?) عبارة عن إعدادهم لأيمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة، ليحلفوا بها ويتخلصوا من المؤاخذة، لا عن استعمالها بالفعل. فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية، والخيانة، واتخاذ الجنّة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة، وعن سببها أيضًا، كما تعرب عنه الفاء في قوله: {فَصَدُّوا}؛ أي: منعوا الناس وصرفوهم {عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}؛ أي: عن دينه في خلال أمنهم وسلامتهم، بسبب ما يصدر عنهم من التثبط وتهوين أمر المسلمين، وتضعيف شوكتهم عندهم.
وقيل المعنى: فصدوا المسلمين عن قتالهم بسبب إظهارهم للإسلام.
{فَلَهُمْ}؛ أي: فلهؤلاء المنافقين بسبب كفرهم وصدهم عن سبيل الله {عَذَابٌ مُهِينٌ}؛ أي: يهينهم ويخزيهم بين أهل المحشر. وعيد ثانٍ بوصف آخر لعذابهم.