[15]

الإثم ثم في النار. ولم يجعل حلفهم غموسًا؛ لأن الغموس حلف على الماضي، وحلفهم هذا على الحال.

والمعنى (?): أي ألم تنظر يا محمد، أو أيها المخاطب إلى حال هؤلاء المنافقين الذين اتخذوا اليهود أولياء يناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين، إن حالهم لتستدعي العجب، يقابلون كل قوم بوجه؛ فهم مع اليهود نصحاء أمناء، يبلغونهم ما يعرفونه من دخائل المؤمنين اكتسابًا لصداقتهم وودهم، ومع المؤمنين مؤمنون مخلصون، قد بلغ الإيمان قرارة نفوسهم وملك عليهم مشاعرهم وحواسهم، وفي الحقيقة إنهم يخدعون الفريقين، كما أشار إلى ذلك سبحانه بقوله: {مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ}؛ أي: فلا هم بالمؤمنين حقًا، بل هم مؤمنون من طرف اللسان مداراةً للمؤمنين وخوفًا من بطشهم، ولا هم باليهود؛ لأنهم لا يعتقدون أنهم على الدِّين الحق، ولكنهم يريدون أن ينتفعوا بما عندهم من عرض الدنيا، وأن يحتفظوا بمودّتهم إذا احتاجوا إليها، فهم كما قال الله فيهم: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ}. وفي الحديث: "مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين غنمين" أي: المترددة بين قطيعين - لا تدري أيهما تتبع".

ثم ذكر أنهم يؤكدون إيمانهم وإخلاصهم بالأيمان الكاذبة، فقال: {وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}؛ أي: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا: إنّا آمنَّا، وإذا جاء الرسول حلفوا وقالوا له: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} فيما يقولون؛ لأنهم لا يعتقدون صِدقه.

15 - ثم ذكر مآلهم، وبيّن ما يلقون من النكال والوبال، فقال: {أَعَدَّ اللَّهُ} سبحانه وتعالى؛ أي: أرصد، وهيأ {لَهُمْ}؛ أي: لهؤلاء المنافقين بسبب هذا التولي والحلف الباطل {عَذَابًا شَدِيدًا} في الدنيا والآخرة.

والمراد نوعًا عظيمًا من العذاب (?). فالنوعية مستفادة من تنكير {عَذَابًا}، والعظيم من توصيفه بالشدة. {إِنَّهُمْ}؛ أي؛ إن هؤلاء المنافقين {سَاءَ} وقبح {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}؛ أي: ساء ما تمرنوا عليه وأصروا وتمرنهم أي: اعتيادهم واستمرارهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015