خَبِيرٌ}، وأخّره هنا حيث قال: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. فما الفرق بين الموضعين؟
قلتُ: فَعَلَ ما فَعَلَ في الموضعين رعاية للفواصل التي كانت بعدهما؛ لأنه بعد الأول وقع {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، و {رَحِيمٌ} بوزن خبير - وإن كان الحرف الأخير مختلفًا - وبعد الموضع الثاني الفواصل نفس ما فيه.
وقيل: قدم في الأول تأكيدًا للتهديد المفهوم من الجملة؛ لأنها وقعت تعليلًا للأوامر العزائم قبلها، وفي الموضع الثاني لا حاجة إلى التأكيد المذكور؛ لأن الجملة وإن وقعت تعليلًا لما قبلها؛ لأن الأوامر قبلها إنما وقعت للترخي وقيل: للتفنن. فليتأمل، هكذا وقع في فهمي السقيم، والله أعلم بأسرار كتابه.
الإعراب
{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1)}.
{قَدْ}: حرف تحقيق. {سَمِعَ اللَّهُ}: فعل وفاعل، والجملة مستأنفة. {قَوْلَ الَّتِي}: مفعول به، ومضاف إليه {تُجَادِلُكَ}: فعل مضارع، وفاعل مستتر يعود على الموصول، ومفعول به، والجملة صلة الموصول. ومن هذا سميت السورة سورة المجادلة بكسر الدال، على أنها اسم فاعل. وقيل: بفتحها وكسرها كما في "حاشية الشهاب على البيضاوي". والكسر أرجح على كل حال؛ لأنه أنسب بالسياق. {فِي زَوْجِهَا}: متعلق بـ {تُجَادِلُكَ}: ولا بد من حذف مضاف؛ أي: في شأن زوجها. {وَتَشْتَكِي}: معطوف على {تُجَادِلُكَ}. ويجوز أن تكون الواو حالية، والجملة في موضع نصب على الحال من فاعل {تُجَادِلُكَ}. {إِلَى اللَّهِ}: جار ومجرور متعلقان بـ {تشتكي}. {وَاللَّهُ}: {الواو}: حالية. {الله}: مبتدأ وجملة {يَسْمَعُ} خبره، والجملة الاسمية في محل النصب حال من فاعل {تُجَادِلُكَ} أيضًا. {يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}: فعل وفاعل مستتر يعود على الله، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل الرفع خبر عن الجلالة. {إِنَّ اللَّهَ}: ناصب واسمه، {سَمِيعٌ}: خبر أول له، {بَصِيرٌ}: خبر ثان. وجملة {إِنَّ} مستأنفة مسوقة لتعليل ما قبلها، لا محل لها من الإعراب.