وزوجها أوس بن الصامت أخو عبادة. روي: أنّها كانت حسنة البدن، فرآها أوس وهي تصلي، فاشتهى مواقعتها، فلما سلمت .. راودها فأبت وكان به خفّة عقل - فغضب عليها بمقتضى البشرية، وقال: أنت عليّ كظهر أمي - وكان أول ظهار وقع في الإِسلام - ثم ندم على ما قال، بناء على أن الظهار والإيلاء كانا من طلاق الجاهلية، فقال لها: ما أظنك إلى وقد حرمت علي، فشقّ ذلك عليها، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائشة رضي الله عنها تغسل شق رأسه - فقالت: يا رسول الله! إن زوجي أوس بن الصامت، أبو ولدي، وابن عمي، وأحب الناس إلي، ظاهر مني وما ذكر طلاقًا، وقد ندم على فعله، فهل من شيء يجمعني وإياه؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أراك إلا وقد حرمت عليه" فقالت: لا تقل ذلك يا رسول الله، وذكرت فاقتها ووحدتها بتفاني أهلها، وأن لها صبية صغارًا، فقالت: إن ضممتهم إليّ جاعوا، وإن ضممتهم إلى أبيهم ضاعوا. فأعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله الأول وهو: "حرمت عليه" فجعلت تراجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالتها الأولى، وكلما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حرمت عليه" هتفت، وقالت: أشكو إلى الله مما لقيت من زوجي حال فاقتي ووحدتي، وقد طالت معه صحبتي ونفضت له بطني؛ تريد بذلك: أني قد بلغت عنده سنّ الكبر وصرت عقيمًا لا ألد بعد، وكانت في ذلك ترفع رأسها إلى السماء على ما هو عادة الناس استنزالًا للأمر الإلهي من جانب العرش وتقول: اللهم أنزل على لسان نبيك، فقامت عائشة تغسل الشق الآخر من رأسه - صلى الله عليه وسلم -، وهي ما زالت في مراجعة الكلام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبث الشكوى إلى الله سبحانه حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات الأربع سمعًا لدعائها وقبولًا لشكواها، وكانت سببًا لظهور حكم الظهار.
وجملة قوله: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} في محل نصب على الحال من الجلالة، أو مستأنفة جارية مجرى التعليل لما قبلها، كما سيأتي؛ أي: والله يعلم (?) تراجعكما في الكلام، وتخاطبكما، وتجاوبكما في أمر الظهار. فإن التحاور بمعنى التجاوب، وهو رجع الكلام وجوابه من الحور؛ بمعنى: الرجوع. وذلك كان برجوع الرسول إلى الحكم بالحرمة مرة بعد أخرى، وبرجوع المجادلة إلى طلب التحليل كذلك.