منه ألف ألف درجة في فراديس جنتك ودار كرامتك، ولم أكن بدعائك رب شقيًا بكرةً وعشيًا ما دمت حيًا، ذلك الحمد - يا إلهي - في الأولى والأخرى على عنايتك الكبرى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وبتوفيقه أقول، وقولي هذا:
سورة المجادلة نزلت بعد المنافقون، وهي مدنيَّةٌ، قال القرطبي: في قول الجميع إلَّا روايةً عن عطاء: أن العشر الأول منها مدني، وباقيها مكّي. وقال الكلبي: نزلت جميعها بالمدينة إلا قوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ}. فنزلت بمكّة.
وهي اثنتان وعشرون آية وأربع مئة وثلاث وسبعون كلمة، وألف وسبع مئة واثنتان وتسعون حرفًا.
التسميةُ: سميت بالمجادلة - بكسر الدال، اسم فاعل على الأصح كما سيأتي عن الشهاب - لبيانها قصة المرأة المجادلة - خولة بنت ثعلبة - في شأن زوجها الذي ظاهر على عادة أهل الجاهلية في تحريم الزوجة بالظهار منها.
المناسبةُ: مناسبتها لما قبلها من وجهين (?):
1 - أن الأولى ختمت بفضل الله، وافتتحت هذه بما هو من هذا الوادي.
2 - أنه ذكر في مطلع الأولى صفاته الجليلة، ومنها: الظاهر والباطن، وذكر في مطلع هذه أنّه سميع قول المجادلة التي شكت إليه تعالى.
الناسخُ والمنسوخُ فيها: قال محمد بن حزم: سورة المجادلة كلها محكم إلا آية واحدة؛ وهي: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ...} الآية (12) من المجادلة، نسخت بقوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ...} الآية (13). فنسخ الله تعالى ذلك بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والطاعة لله وللرسول.