2 - الرحمة فيجلب بعضهم لبعض الخير، كما قال تعالى في حق أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.

3 - الرهبانية المبتدعة فقد انقطعوا عن الناس في الفلوات والصوامع معتزلين الخلق، وحرموا على أنفسهم النساء، ولبسوا الملابس الخشنة تبتلا إلى الله وإخباتًا له، ما فرضنا عليهم هذه الرهبانية ولكنهم استحدثوها طلبًا لمرضاة الله والزلفى إليه.

والاستثناء في قوله: {إِلَّا} منقطع؛ أي؛ لكن ابتدعوها {ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} تعالى؛ أي: لطلب رضا الله تعالى. وقال الزجاج (?): ما كتبناها عليهم معناه: لم نكتب عليهم شيئًا البتة. قال: ويكون قوله: {ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} بدلًا من الهاء في {كَتَبْنَاهَا}.

والمعنى: ما كتبنا عليهم إلا ابتغاء رضوان الله. فيكون الاستثناء متصلًا. {فَمَا رَعَوْهَا}؛ أي: فما حفظ العيسويون الرهبانية {حَقَّ رِعَايَتِهَا}؛ أي: حق حفظها؛ لأنهم أتوها لطلب الدنيا والرياء والسمعة؛ أي: فما رعوا (?) جميعًا حق رعايتها، بل أفسدوها بضم التثليث والقول بالاتحاد، وقصد السمعة، والكفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ونحوها إليها. وروي عنه - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "من آمن بي وصدقني .. فقد رعاها حق رعايتها، ومن لم يؤمن بي .. فأولئك هم الهالكون". قال مقاتل: لما استضعفوا بعد عيسى عليه السلام التزموا الغيران فما صبروا وأكلوا الخنازير، وشربوا الخمور، ودخلوا مع الفساق، اهـ. وفي "المناسبات" {فَمَا رَعَوْهَا}؛ أي: لم يحفظها المقتدون بهم بعدهم كما أوجبوا على أنفسهم حق رعايتها؛ أي: بكمالها، بل قصروا فيها ورجعوا عنها، ودخلوا في دين ملوكهم، ولم يبق على دين عيسى عليه السلام إلا قليلًا منهم، ذمهم الله تعالى بذلك من حيث إن النذر عهد مع الله لا يحل نكثه سيما إذا قصد رضاء الله تعالى.

{فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: فأعطينا الذين آمنوا إيمانًا صحيحًا {مِنْهُمْ}؛ أي: من العيسيين، وهو الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد رعاية رهبانيتهم لا مجرد رعايتها؛ فإنها بعد البعثة لغو محض، وكفر بحت، وأنى لهم استتباع الأجر. قال في "كشف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015