أَلَمْ يأنِ لِيَ يَا قلْبُ أَنْ أَتْرُكَ الجَهْلَا ... وَإِنْ يُحْدِثَ الشَّيْبُ المُنِيرُ لَنَا عَقْلا

{أُوتُوا الْكِتَابَ} أصله: أءتيوا، استثقلت الضمة على الياء، فحذفت للتخفيف، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وضمت التاء لمناسبة الواو، وأبدلت الهمزة الساكنة واوًا حرف مد للأولى.

{فَطَالَ} أصله: طول، من باب فعل المضموم، فقلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح، ففيه إعلال بالقلب. {فَقَسَتْ} أصله: قسو، قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقائها مع تاء التأنيث الساكنة لما لحقت الفعل، فوزنه فعت. والقسوة: غلظ القلب، وعدم لينه لقبول الخير كما مر.

البلاغة

وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:

فمنها: الطباق بين {يُحْيِي وَيُمِيتُ}، وبين {الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} وبين {الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}.

ومنها: المقابلة بين {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}، وبين {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}.

ومنها: رد العجز على الصدر في قوله: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ}.

ومنها: حذف مفعول {أَنْفِقُوا} في قوله: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} فِيه للمبالغة في الحث على الإنفاق، وعدم البخل بالمال. وحذف مفعول {تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} لما تقدم ولتشديد التوبيخ؛ أي: وأيّ شيء لكم في أن لا تنفقوا ما هو قربة لله تعالى.

ومنها: الاستعارة التصريحية في {سَبِيلِ اللَّهِ} لأن السبيل حقيقة في الممر، فاستعير لكل خير يوصلهم إليه تعالى.

ومنها: حذف ثاني الاستوائين لأن الاستواء لا يتم إلا بعد شيئين، فلا بد من تقدير ثان، تقديره: لا يستوي منكم من أنفق من قبل فتح مكة، وقوّة الإِسلام، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015