ويسمى الخطاب الشرعيّ: ناسخا تجوّزا، إذ به يقع النسخ، كما قد يتجوز، فيسمى المحكوم فيه: ناسخا. فيقال: صوم رمضان ناسخ لصوم عاشوراء، فالمنسوخ: هو المزال، والمنسوخ عنه: هو المتعبّد بالعبادة المزالة، وهو المكلّف. والمحقّقون على أنّ القرآن ينسخ بالسّنة، وذلك موجود في قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث»، وهو ظاهر مسائل مالك، وأبى ذلك الشافعيّ، وأبو الفرج المالكيّ، والأوّل أصحّ، بدليل: أن الكلّ حكم الله تعالى، ومن عنده، وإن اختلفت في الأسماء. وأيضا: فإن الجلد ساقط في حدّ الزنا عن الثيب الذي يرجم، ولا مسقط لذلك. إلا السنة فعل النبي صلّى الله عليه وسلم - وهذا بيّن. والمحققون أيضا: على أنّ السنة تنسخ بالقرآن، وذلك موجود في القبلة، فإن الصلاة إلى الشام لم تكن في كتاب الله تعالى، وفي قوله تعالى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} فإنّ رجوعهن إليهم؛ إنما كان بصلح النبي صلّى الله عليه وسلم لقريش، وهذا كله في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمّا بعد مماته، واستقرار الشريعة: فأجمعت الأمة على أنه لا نسخ، ولهذا كان الإجماع لا ينسخ، ولا ينسخ به، إذ انعقاده بعد انقطاع الوحي، فإذا وجدنا إجماعا يخالف نصّا، فيعلم أن الإجماع استند إلى نصّ ناسخ لا نعلمه نحن، وأن ذلك النص المخالف متروك العمل به، وأن مقتضاه نسخ، وبقي يقرأ، ويروى، كما أنّ عدّة السنة في القرآن تتلى، فتأمل هذا فإنه نفيس، والذي عليه المحققون: أنّ من لم يبلغه الناسخ، فهو متعبد بالحكم الأول، كما يأتي بيانه في تحويل القبلة، والمحقّقون أيضا: على جواز نسخ الحكم قبل فعله، وهو موجود في قصة