[50]

[51]

50 - {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} والفاء فيه فاء الفصيحة؛ أي: قل لهم يا محمد: إذا علمتم أن الله تعالى فرد لا نظير له، وأن هذه المذكورة شؤونه وأفعاله، فاهربوا إلى الله الذي هذه شؤونه بالإيمان والطاعة كي تنجوا من عقابه، وتفوزوا بثوابه. وقيل (?): معنى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}: أخرجوا من مكة. وقال الحسين بن الفضل: احترزوا من كل شيء غير الله، فمن فر إلى غيره .. لم يمتنع به. وقيل: فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن. وقيل: فروا من الجهل إلى العلم.

وجملة قوله: {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ}؛ أي: من جهته تعالى {نَذِيرٌ}؛ أي: منذر مخوف من عذاب الله {مُبِينٌ}؛ أي: بين كونه منذرًا منه تعالى بالمعجزات الظاهرة على يديه، أو مظهر لما يجب إظهاره من العذاب المنذر به. تعليل للأمر بالفرار.

وفي أمره (?) للرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن يأمرهم بالهرب إليه من عقابه، وتعليله بأنّه - صلى الله عليه وسلم - ينذرهم من جهته تعالى لا من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب، وفوزهم بالمطلوب.

51 - وقوله: {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} نهي موجب للفرار من سبب العقاب بعد الأمر بالفرار نفسه. فقد نهاهم عن الشرك بالله بعد أمرهم بالفرار إلى الله. كأنّه قيل: وفروا من أن تجعلوا معه تعالى اعتقادًا، أو تقولوا: إلهًا آخر. وجملة قوله: {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ}، أي: من الجعل المنهي عنه {نَذِيرٌ مُبِينٌ}، أي: بيِّن الإنذار. تعليل للنهي المذكور. وفيه تأكيد لما قبله من الفرار من العقاب إليه تعالى، لا بطريق التكرير بل بالنهي عن سببه، وإيجاب الفرار منه. وفي "المراح": {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}؛ أي: (?) بل وحِّدوا الله سبحانه. فإنَّ التوحيد بين التعطيل والتشريك. فالمعطل يقول: لا إله. والمشرك يقول: إنّ في الوجود آلهةً. فقوله: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} أثبت وجود الله. وقوله: {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} نفي الأكثر من الواحد، فصح التوحيد بالآيتين؛ ولهذا قال مرتين: {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}: أي: لا أقول شيئًا إلا بدليل ظاهر. فالرسول نذير من الله في المقامين عند الأمر بالطاعة، وعند النهي عن الشرك. وذلك ليعلم أن العمل لا ينفع إلا مع الإيمان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015