في الزمان الأول، إذا مشى الشابّ أمام الشيخ .. يخسف الله به الأرض، ويدخل في النهي المشي بين يدي العلماء، فإنهم ورثة الأنبياء، دليله ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمشي أمام أبي بكر رضي الله عنه فقال: "تمشي أمام من هو خير منك في الدنيا والآخرة، ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خير أو أفضل من أبي بكر الصديق". كما في "كشف الأسرار".
وأكثر هذه (?) الروايات يشعر بأن المراد من الآية: بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر الله لتعظيمه والإيذان بجلالة قدره عنده، حيث ذكر اسمه تعالى توطئةً وتمهيدًا لذكر اسمه - صلى الله عليه وسلم -؛ ليدل على قوّة اختصاصه - صلى الله عليه وسلم - بربّ العزة، وقرب منزلته من حضرته تعالى، فإنّ إيقاع ذكره تعالى موقع ذكره - صلى الله عليه وسلم - بطريق العطف تفسيرًا للمراد، يدل عليها لا محالة، كما يقال: أعجبني زيد وكرمه، في موضع أن يقال: أعجبني كرم زيد؛ للدلالة على قوّة اختصاص الكرم به. والله أعلم.
ومعنى الآية (?): أي يا أيها المؤمنون، لا تعجلوا بالقضاء في أمر قبل أن يقضي الله ورسوله لكم فيه، إذ ربّما تقضون بغير قضائهما، وراقبوا الله أن تقولوا ما لم يأذن لكم الله ورسوله به، إن الله سميع لما تقولون، عليم بما تريدون بقولكم إذا قلتم، لا يخفى عليه شيء من ضمائر صدوركم.
وبنحو هذا أجاب معاذ بن جبل رضي الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حين بعثه إلى اليمن، قال له: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله تعالى، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن لم تجد" قال: بسنّة رسوله، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فإن لم تجد" قال: أجتهد رأيي، فضرب في صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفّق رسول رسوله، لما يرضي رسوله". رواه أحمد وأبو داود والترمذي، فتراه قد أخّر رأيه واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة، ولو قدّمه .. لكان من المتقدّمين بين يدي الله ورسوله.