{الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ} أصله: تجزيون قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. {إِلَى كِتَابِهَا}؛ أي: إلى صحيفة أعمالها التي كتبتها الحفظة، لتحاسب على ما قيد فيها. {يَنْطِقُ}؛ أي: يشهد. {نَسْتَنْسِخُ}؛ أي: نأمر الملائكة بأن تكتب وتنسخ، والنسخ في الأصل: هو النقل من أصل كما ينسخ كتاب من كتاب، لكن قد يستعمل للكتبة ابتداءً.
{إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا} وقال في "التعريفات": الظن هو الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، ويستعمل في اليقين، والشك، انتهى. واليقين: اتقان العلم بنفي الشك والشبهة عنه، نظرًا واستدلالًا، ولذلك لا يوصف به علم القديم، ولا العلوم الضرورية إذ لا يقال: تيقنت أن السماء فوقي.
{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} بدا فيه إعلال بالقلب، أصله: بدو قلبت الواو ألفًا لتحركها بعد فتح {نَنْسَاكُمْ} أصله: ننسيكم بوزن نفعل، قلبت الياء ألفًا لتحركها بعد فتح. {لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} فيه إعلال بالإبدال، أصله: لقاي أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة. {وَمَأْوَاكُمُ} أصله: مأويكم بوزن مفعل اسم مكان، قلبت ياؤه ألفًا لتحركها بعد فتح. {اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ}؛ أي: حجج الله. {وَغَرَّتْكُمُ}؛ أي: خدعتكم. {الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}؛ أي: زينتها. {يُسْتَعْتَبُونَ}؛ أي: ولا هم يطلب منهم العتبى، والرجوع إلى الله تعالى بالتوبة من ذنوبهم، والإنابة إلى ربهم لفوات أوانه وزمانه، وهو من باب استفعل السداسي، والسين والتاء فيه للطلب، يقال: استعتبته فأعتبني؛ أي: استرضيته فقبل مني عذري، والمعنى: ولاهم يطلب منهم أن يعتبوا ربهم؛ أي: أن يرضوه بالطاعة لفوات أوانه، وهو في الدنيا. {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ} والكبرياء: العظمة والملك والجلال والعز والسلطان وهي صفة أثرها تنزهه تعالى عن كل ما لا يليق به.
البلاغة
وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع:
فمنها: التجوز في قوله: {أَفَرَأَيْتَ} فإنه بمعنى: أخبرني، ففيه تجوزان