ومماتهم سواء، وقرأ زيد بن علي وحمزة والكسائي وحفص: {سَوَاءً} بالنصب، وما بعده مرفوع على الفاعلية، أجرى {سَوَاءً} مجرى مستويًا كما قالوا: مررت برجل سواء هو والعدم، وجوز في انتصاب {سَوَاءً} وجهان:
أحدهما: أن يكون منصوبًا على الحال، و {كَالَّذِينَ} المفعول الثاني: والعكس، وقرأ الأعمش: {سواء}: بالنصب {محياهم ومماتهم} بالنصب أيضًا، وخرج على، أن محياهم ومماتهم ظرفي زمان، والعامل إما {أَنْ نَجْعَلَهُمْ} وإما {سَوَاءً}.
والثاني: أن يجعل بدلًا من مفعول {نَجْعَلَهُمْ}، والمفعول الثاني: {سَوَاءً}؛ أي: نجعل محياهم ومماتهم سواءً.
ومجمل معنى الآية (?): أي أيظن هؤلاء الذين اكتسبوا الإثم والمعاصي في الدنيا، فكفروا بالله وكذبوا الرسل، وخالفوا أمره، وعبدوا غيره، أن نجعلهم كالذين آمنوا به، وصدقوا رسله، فنساوي بينهم في دار الدنيا، وفي الآخرة، كلا، لا يستوون في شيء منهما، فإن أهل السعادة في عز الإيمان والطاعة، وشرفهما في المحيا، وفي رحمة الله، ورضوانه في الممات، وأهل الشقاء في ذل الكفر، والمعاصي، وهوانهما في المحيا، وفي لعنة الله، والعذاب الخالد في الممات، فشتان ما بينهما وما أبعدما بين الثريا والثرى.
ونحو الآية قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)}، وقوله: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)} {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}؛ أي: ساء ما ظنوا، وبعد أن نساوي بين الأبرار، والفجار في دار الآخرة، وفي هذه الدار، وفي الآية إرشاد إلى تباين حالي المؤمن العاصي، والمؤمن المطيع، وقد أثر عن كثير من الناسكين، المخبتين لربهم، أنهم كانوا يبكون عند تلاوة هذه الآية، حتى سموها مبكاة العابدين.
أخرج عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" والطبراني، وجماعة عن أبي