وإلى الأرض كيف بدلت، وإلى الداعي كيف يدعوهم إلى الحساب، وإلى الآباء والأمهات كيف ذهبت شفقتهم عنهم، واشتغلوا بأنفسهم، وإلى خصمائهم ماذا يفعلون بهم.

وقرأ الجمهور: {قِيَامٌ} بالرفع على أنه خبر و {يَنْظُرُونَ}، في محل النصب على الحال وقرأ زيد بن علي بالنصب على أنه حال، والخبر {يَنْظُرُونَ} والعامل في الحال ما عمل في {إِذَا} الفجائية، قال الكسائي: كما تقول: خرجت فإذا زيد جالسًا.

قال في "المدارك" (?): دلت الآية على أن النفخة اثنتان، الأولى: للموت والثانية: للبعث، والجمهور على أنها ثلاث، الأولى للفزع، كما قال: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ}، والثانية: للموت، والثالثة: للإعادة، انتهى. فإن كانت النفخة اثنتين يكون معنى {فَصَعِقَ}: خروا أمواتًا، وإن كانت ثلاثًا يكون معناه: مغشيًا عليهم، فتكون هذه النفخة؛ أي: الثالثة بعد نفخة الإحياء يوم القيامة، كما ذهب إليه البعض، هذا والذي (?) يظهر من "خريدة العجائب" أن نفخة الفزع هي أول النفخات، فإنه إذا وقعت أشراط الساعة، ومضت .. أمر الله صاحب الصور أن ينفخ نفخة الفزع، ويديمها ويطولها فلا يبرح كذا عامًا يزداد الصوت كل يوم شدةً، فيفزع الخلائق، وينحازون إلى أمهات الأمصار، وتعطل الرعاة السوائم، وتأتي الوحوش والسباع، وهي مذعورة من هول الصيحة، فتختلط بالناس، ويؤول الأمر إلى تغير الأرض والسماء عما هما عليه، وبين نفخة الفزع والنفخة الثانية أربعون سنة، ثم تقع النفخة الثانية والثالثة، وبينهما أربعون سنة، أو شهرًا أو يومًا أو ساعة.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين النفختين أربعون، قالوا: أربعون يومًا" قال أبو هريرة: أبيت، قالوا: أربعون شهرًا، قال أبو هريرة: أبيت، قالوا: أربعون سنةً، قال: أبيت، ثم ينزل من السماء ماء فينبتون، كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظم واحد، وهو عجيب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة، متفق عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015