والخامس: نفخ إسرافيل عليه السلام في الصور، كما قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} فسبحان من أخرج الأرواح من الأبدان بنفخ واحد، كما يطفأ السراج بنفخ واحد، وتوقد النار بنفخ واحد، وسبحان من ردّ الأرواح إلى الأبدان بنفخ واحد، وهذا كله دليل على قدرته التامة العامة.
والصور: قرن من نور، ألقمه الله تعالى إسرافيل، وهو أقرب الخلق إلى الله تعالى، وله جناح بالمشرق وجناح بالمغرب، والعرش على كاهله، وإن قدميه قد خرجتا من الأرض السفلى، حتى بعدتا عنها مسيرة مائة عام، على ما رواه وهب، وعظم دائرة القرن، مثل ما بين السماء والأرض، وفي "الدرة الفاخرة" للإمام الغزالي: الصور: قرن من نور، له أربع عشرة دائرة، الدائرة الواحدة كاستدارة السماء والاْرض، فيه ثقب بعدد أرواح الخلائق، وباقي ما يتعلق بالنفخ والصور قد سبق في سورة الكهف والنمل، فارجع.
وقرأ الجمهور (?): الصور، بسكون الواو، وقرأ قتادة وزيد بن علي: بفتحها، جمع صورة، قال ابن عطية: والصور هنا: القرن، ولا يتصور هنا غير هذا المعنى، ومن يقول: الصور: جمع صورة، فإنما يتوجه قوله في نفخة البعث، انتهى.
{فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: خرَّ (?) وسقط ومات جميع من في السموات السبع، وجميع من في الأرضين السبعة؛ أي: خروا أمواتًا من الفزع وشدة الصوت.
وقرىء: {فصُعق} بضم الصاد، والاستثناء في قوله: {إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} متصل وهم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام، فإنهم يموتون من بعد، قال السدي: وضم بعضهم إليهم ثمانية من حملة العرش، فيكون المجموع اثني عشر ملكًا، وآخرهم موتًا ملك الموت، وروى النقاش: أنه جبريل، كما جاء في الخبر: "إن الله تعالى يقول حينئذ: يا ملك الموت، خذ نفس إسرافيل، ثم يقول من بقي، فيقول: بقي جبريل وميكائيل وملك الموت، فيقول خذ نفس ميكائيل، حتى يبقى ملك الموت وجبرائيل، فيقول تعالى: مت يا ملك الموت، فيموت، ثم