الظاهرة من باطنها وظاهرها ووسطها، وقوله: {وَالْأَرْضُ}: مبتدأ، خبره، قوله: {قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} والجملة الاسمية: حال من لفظ الجلالة في قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ}؛ أي: ما قدروا الله وعظموه حق قدره وعظمته؛ أي: ما عظموه التعظيم اللائق به تعالى، حيث عبدوا معه غيره، حالة كون جميع الأرض مقبوضة، ومملوكة يوم القيامة؛ أي: في ملكه (?) وتصرّفه من غير منازع، يتصرف فيها تصرف الملاك في ملكهم، وأنها؛ أي: جميع الأرضين، وإن عظمن .. فما هنّ بالنسبة إلى قدرته تعالى، إلا قبضة واحدة، ففيه تنبيه على غاية عظمته، وكمال قدرته، وحقارة الأفعال العظام بالنسبة إلى قدرته، ودلالة على أن تخريب العالم أهون شيء عليه على طريقة التمثيل والتخييل، من غير اعتبار القبضة حقيقةً ولا مجازًا على ما في "الإرشاد" ونحوه.

وقيل: القبضة (?) المرة من القبض بالكف، والكلام حينئذ على حذف مضاف.

والمعنى: والأرضون جميعًا قبضته؛ أي: ذوات قبضته يقبضهنّ قبضة واحدة؛ يعني أن الأرضين مع عظمهن وبسطهنّ، لا يبلغن إلا قبضة واحدة من قبضاته، كأنه يقبضها قبضة واحدة بكف واحد، وإذا أريد معنى القبضة فظاهر؛ لأن المعنى أن الأرضين بجملتها مقدار ما يقبضه بكف واحدة؛ أي: ما عظموه حق تعظيمه، والحال أنه متصف بهذه الصفة، الدالة على كمال القدرة، التي هي غاية العظمة والجلال، فالأرض مع سعتها وبسطها في قبضة الرحمن يوم القيامة.

وقرأ الجمهور: برفع {قَبْضَتُهُ} على أنها خبر المبتدأ، وقرأ الحسن: بنصبها، ووجهه ابن خالويه بأنه على الظرفية؛ أي في قبضته، وقدم الأرض لمباشرتهم لها ومعرفتهم بحقيقتها، ولما كان في دار الدنيا من يدعي الملك والقهر والعظمة والقدرة دون دار الآخرة فالأمر فيها لله وحده ظاهرًا وباطنًا .. قال {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} اهـ "خطيب".

وفي "القرطبي": إنما خص يوم القيامة بالذكر، وإن كانت قدرته عامة وشاملة لدار الدنيا أيضًا؛ لأن الدعاوى تنقطع ذلك اليوم، كما قال: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015