وقال الشوكاني: هذا الكلام (?) من باب التعريض لغير الرسل؛ لأن الله سبحانه قد عصمهم من الشرك، ووجه إيراده على هذا الوجه: التحذير والإنذار للعباد من الشرك؛ لأنه إذا كان موجبًا لإحباط عمل الأنبياء على الفرض والتقدير .. فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والتقدير: ولقد أوحي إليك: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} وأوحي إلى الذين من قبلك كذلك، قال مقاتل؛ أي: أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد، والتوحيد: محذوف، ثم قال: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ} يا محمد {لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}، وهو خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة. انتهى.
وفي "التأويلات النجمية": يشير إلى أن الإنسان ولو كان نبيًا، لئن وكل إلى نفسه .. ليفتحن بمفتاح الشرك والرياء أبواب خزائن قهر الله على نفسه، وليحبطن عمله، بأن يلاحظ غير الله بنظر المحبة، ويثبت معه في الإبداع سواه.
ومعنى الآية (?): أي ولقد نزل عليك الوحي من ربك، بأنه إذا حصل منك إشراك به، بعبادة صنم أو وثن .. ليبطلنّ كل عمل لك من أعمال الخير، كصلة رحم وبر ببائس فقير، ولا تنالنَّ به ثوابًا ولا جزاءً، ولتكونن ممن خسروا حظوظهم في الدنيا والآخرة، وأوحي إلى الرسل من قبلك بمثل هذا.
وقرأ الجمهور: {لَيَحْبَطَنَّ} بالبناء للفاعل {عَمَلُكَ} رفع به، وقرىء: {لُيحبِطن} بضم الياء من أحبط علمه {عملَك} بالنصب؛ أي: ليحبطن الله عملك، أو الإشراك عملك، وقرىء {لنُحبطن} بالنون {عملك} بالنصب، فاحذر أن تشرك بالله شيئًا، فتهلك، وهذا كلام سيق على سبيل الفرض والتقدير، لتهييج المخاطب المعصوم، وللإيذان بشناعة الإشراك وقبحه، حتى لينهى عنه من لا يكاد يفعله، فكيف بغيره؟ والحكم بحبوط عمل المشرك في الآخرة، مقيّد بما إذا مات وهو كذلك، بدليل قوله في الآية الأخرى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}.
66 - ثم رد عليهم ما أمروه به من عبادة الأصنام، وأمره بعبادته وحده، فقال: {بَلِ