بالمطلوب مع السلامة من المكروه، و {الباء}: متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول، مفيدة لمفازة تنجيتهم من العذاب لنيل الثواب؛ أي: ينجيهم الله سبحانه من مثوى المتكبرين، حال كونهم متلبسين بفوزهم بمطلوبهم الذي هو الجنة.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفسير هذه الآية من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "يحشر الله مع كل امرىءٍ عمله، فيكون عمل المؤمن معه في أحسن صورة وأطيب ريح، فكلما كان رعب أو خوف .. قال له: لا ترع، فما أنت بالمراد به، ولا أنت المعني به، فإذا كثر ذلك عليه .. قال: فما أحسنك، فمن أنت؟ فيقول: أما تعرفني، أنا عملك الصالح، حملتني على ثقلي، فوالله لأحملنك ولأدفعنّ عنك، فهي التي قال الله: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)}.
ثم بين هذه المفازة بقوله: {لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} والجملة: حال أخرى من الموصول، مفيدة لكون نجاتهم وفوزهم بالجنة غير مسبوقة بمساس العذاب والحزن؛ أي: ينجيهم الله سبحانه من مثوى المتكبرين، حال كونهم متلبسين بفوزهم بمطلوبهم الذي هو الجنة، وحالة كونهم غير مسبوقين بمساس السوء والعذاب في أبدانهم، وبمساس الحزن والغمّ في قلوبهم أي: لا يمسهم (?) أذى جهنم، ولا يحزنون على ما فاتهم من مآب الدنيا، إذ هم قد صاروا إلى ما هو خير منه؛ نعيم مقيم في جنات تجري من تحتها الأنهار، ورضوان من الله أكبر.
وخلاصة ذلك: أنهم أمِنوا من كل فزع، وبعدوا من كل شرّ، وفازوا بكل خير ومسرة.
وقرأ الجمهور (?): {بِمَفَازَتِهِمْ} على الإفراد، والسلمي والحسن والأعرج والأعمش وحمزة والكسائي وأبو بكر: على الجمع، من حيث إن النجاة أنواع والأسباب مختلفة، وقال أبو علي: المصادر تجمع إذا اختلفت أجناسها، كقوله تعالى: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}، وقال الفراء: كلا القراءتين صواب، تقول قد تبين أمر الناس، وأمور الناس.