[52]

والمعنى: أنهم ظنوا أن ما آتيناهم لكرامتهم علينا، ولم يكن كذلك؛ لأنهم وقعوا في العذاب ولم تنفعهم أموالهم، وهذا كما قال اليهود: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}.

والمعنى (?): أي قد زعم مثل هذا الزعم، وادعى مثل هذه الدعوى كثير ممن سبقهم من الأمم، فلم يغن عنهم شيئًا ما كانوا يكسبون من متاع الدنيا، ويجمعون من حطامها، حين جاءهم أمر ربهم على تكذيبهم رسله، واستهزائهم بهم.

ثم بين ما سلف بقوله: {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا}؛ أي: فحل بهم جزاء سيئات ما كسبوا من الأعمال، فعوجلوا بالخزي في الدنيا، كالخسف الذي لحق قارون، والصاعقة التي نزلت بقوم لوط، وسيصيبهم النكال الدائم في الآخرة، ثم أوعد سبحانه مشركي قومه - صلى الله عليه وسلم - على ما سينالهم في الدنيا والآخرة، فقال: {وَالَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم بالشرك {مِنْ هَؤُلَاءِ} المشركين المعاصرين لك يا محمد؛ أي: أفوطوا في الظلم والعتو، و {مِنْ} للبيان، أو للتبعيض. {سَيُصِيبُهُمْ}؛ أي: سيحل بهم، {سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} من الكفر والمعاصي، كما أصاب أولئك، و {السين}: للتأكيد، وقد أصابهم في الدنيا ما أصابهم من القحط والقتل والأسر والقهر؛ أي: والذين كفروا بالله من قومك، وظلموا أنفسهم سيصيبهم أيضًا وبال السيئات التي اكتسبوها، كما أصاب الذين من قبلهم، فأصابهم القحط سبع سنين متوالية، وقتل صناديدهم يوم بدر، وأسر منهم العدد الكثير. {وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} الله تعالى؛ أي: وما هم بفائتين الله هربًا يوم القيامة، بل مرجعهم إليه، ويصنع بهم ما شاء من العقوبة؛ يعني يدركهم العذاب، ولا ينجون منه بالهرب.

52 - ثم أقام سبحانه الدليل على عظيم قدرته، وبديع حكمته، فقال: {أَوَلَمْ يَعْلَمُوا} و {الهمزة}: للاستفهام التوبيخي، داخلة على محذوف معلوم من السياف، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف، والتقدير (?): أقالوا تلك الكلمة؛ يعني قوله: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}؛ أي: أقالوا ذلك ولم يعلموا، أو أغفلوا عن فضل الله ولم يعلموا {أَنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {يَبْسُطُ الرِّزْقَ} ويوسّعه {لِمَنْ يَشَاءُ} أن يوسّع عليه، ليختبره أيشكر أم يكفر. {وَيَقْدِرُ} الرزق ويقبضه عمن يشاء القبض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015