بالحق يوم تجمعهم لفصل القضاء فيما كانوا فيه يختلفون في الدنيا، من القول فيك، وفي عظمتك وسلطانك، فتقضي بيننا وبين المشركين الذين إذا ذكر الله وحده .. اشمأزت قلوبهم، وإذا ذكر من دونه .. استبشروا وفرحوا، فتجازي المحسن بإحسانه، وتعاقب المسيء بإساءَتِهِ، فإنه بذلك يظهر من هو المحق ومن هو المبطل، ويرتفع عنده خلاف المختلفين، وتخاصم المتخاصمين.
أخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن عائشة - رضي الله تعالى عنهما - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل .. افتتح صلاته: "اللهم ربّ جبريل وميكائيل واسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".
47 - ثمّ لما حكى الله سبحانه عن الكفار ما حكاه من الاشمئزاز عند ذكر الله، والاستبشار عند ذكر الأصنام .. ذكر ما يدل على شدة عذابهم، وعظيم عقوبتهم، فقال: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم بالشرك والمعاصي {مَا فِي الْأَرْضِ} من الأموال والذخائر حال كونه {جَمِيعًا} حال من {مَا} الموصولة؛ أي (?): لو أن لهم جميع ما في الدنيا من الأموال والذخائر. {و} ملكوا {مِثْلَهُ}؛ أي: مثل ما في الأرض، {مَعَهُ}؛ أي: مع ما في الأرض {لَافْتَدَوْا بِهِ}؛ أي: لجعلوا كل ذلك فداءً لأنفسهم. {مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ}؛ أي: من العذاب الشديد المعد لهم، {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} لكن لا مال يوم القيامة، ولو كان لم يقبل الافتداء به، وهذا وعيد شديد، وإقناط لهم من الخلاص، والظرف متعلق بـ {افْتَدَوْا}، كما في "الجمل".
وفي "التأويلات النجمية": يشير سبحانه إلى أن هذه الجملة لا تقبل يوم القيامة لدفع العذاب، واليوم هاهنا تقبل ذرّة من الخير، ولقمة من الصدقة، وكلمة من التوبة والاستغفار، كما أنهم لو تابوا وبكوا في الآخرة بالدماء .. لا يرحم بكاؤهم، وبدمعة واحدة اليوم يمحى كثيرٌ من ذنوبهم.
والمعنى (?): أي ولو أن هؤلاء المشركين ملكوا كل ما في الأرض من