واجمال المعنى: أنّه لا ينبغي لهم ذلك إذ لا يخطر على بال عاقل فائدة لهذا، ومن ثم أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يتهكم بهم، ويحمقهم على ما يفعلون، فقال: {قُلْ} لهم أيها الرسول {أَ} تتخّذونهم شفعاء كما تزعمون، {وَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ} لكم {شَيْئًا} من حوائجكم {وَلَا يَعْقِلُونَ} أنكم تعبدونهم، فـ {الهمزة} (?): لإنكار الواقع واستقباحه. والتوبيخ عليه، دالة على محذوف كما قدّرنا، و {الواو}: عاطفة على ذلك المحذوف؛ أي: أيشفعون ولو كانوا إلخ، وجواب {لَوْ}: محذوف، تقديره: تتخذونهم؛ أي: وإن كانوا بهذه المنزلة تتخذونهم شفعاء.
ومعنى (?) {لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا}: أنهم غير مالكين لشيء من الأشياء، وتدخل الشفاعة في ذلك دخولًا أوليًا، ولا يعقلون شيئًا من الأشياء؛ لأنها جمادات لا عقل لها، وجمعهم بالواو والنون جمع العقلاء؛ لاعتقاد الكفار فيهم أنهم يعقلون.
والمعنى: قل لهم يا محمد: أفتتخذون الأصنام شفعاء ولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلونه، فضلًا عن أن يملكوا الشفاعة عند الله سبحانه، ويعقلوا أنكم تعبدونهم.
وفي "التأويلات النجمية" يشير إلى أن اتخاذ الأشياء للعبادة أو للشفاعة بالهوى والطبع، لا بأمر الله تعالى ووفق الشرع يكون ضلالةً على ضلالة، وأن المقبول من العبادة والشفاعة ما يكون بأمر الله ومتابعة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - على وفق الشرع.
44 - ثم أمر سبحانه رسوله أن يخبرهم أن الشفاعة لله وحده، فقال: {قُلْ} لهم يا محمد، بعد تبكيتهم وتجهيلهم بما ذكر تحقيقًا للحق؛ {لِلَّهِ} سبحانه، لا لغيره {الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} نصب على الحال من الشفاعة، فليس لأحد منها شيء إلا أن يكون بإذنه لمن ارتضى، كما في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِه} وقوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وأكد الشفاعة بما يؤكد به الاثنان فصاعدًا؛ لأنها مصدر يطلق على الواحد والاثنين والجماعة.
والخلاصة (?): أنه تعالى مالك الشفاعة كلها، لا يستطيع أحد أن يشفع لديه