[39]

[40]

ونحو الآية قول هود عليه السلام: {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} حين قال له قومه: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}. فالعصمة من الله تعالى.

حكي: أن سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أخطأ الجيش بأرض الروم، وأسر، فانطلق هاربًا يلتمس الجيش، فإذا بأسدٍ فقال له: يا أبا الحارث، أنا سفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان مرادي كيت وكيت، فأقبل الأسد يتبصبص حتى قام إلى جنبه، فركب عليه، فكان كلما سمع صوتًا أهوى إليه فلم يزل كذلك حتى بلغ الجيش، ثم رجع الأسد.

وفيه إشارات:

منها: أن الحيوان المفترس لا يقدر على الإضرار إذا كان المرء في عصمة الله، فكيف الجماد؟

ومنها: أنَّ طاعة الله تعالى والتوكل عليه سبب النجاة من المهالك.

ومنها: أنَّ الاستشفاع برسول الله والتقرب إليه بالإيمان والتوحيد والعمل بسنّته، يهدي إلى سواء الصراط، كما هدى سفينة - رضي الله عنه -.

فعلى العاقل إخلاص التوحيد، والإعراض عما سواه تعالى، فإنّه تعالى كاف لعبده في كل حال من الأحوال، وفي كل أمر من الأمور.

39 - ولمَّا أورد عليهم الحجة التي لا دافع لها .. أمر رسوله أن يقول لهم على وجه التهديد بقوله: {قُلْ} لهم يا محمد {يَا قَوْمِ} ـي {اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}؛ أي: على حالتكم التي أنتم عليها من العداوة التي تمكنتم فيها، فإن (?) المكانة تستعار من العين للمعنى، كما استعير هنا، وحيث: للزمان مع كونهما للمكان. وقرأ أبو بكر: {مكاناتكم} بالجمع. {إِنِّي عَامِلٌ} على مكانتي وحالتي التي أنا عليها، وتمكنت منها، ولا يزيد حالي إلا قوةً ونصرةً وحذف ذلك للعلم به مما قبله.

40 - {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ} بسوء أعماله، و {مَنْ} مفعول {تَعْلَمُونَ}. {عَذَابٌ يُخْزِيهِ} ويذلّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015