{فَزادَتْهُمْ رِجْسًا}.

فإن قلت (?): كيف يقسو القلب عن ذكر الله، وهو سبب لحصول النور والهداية؟.

قلت: إنهم كلما تلي ذكر الله على الذين يكذبون به .. قست قلوبهم عن الإيمان به، قيل: إن النفس إذا كانت خبيثة الجوهر، كدرة العنصر بعيدة عن قبول الحق، فإن سماعها لذكر الله لا يزيدها إلا قسوة، وكدورة، كحر الشمس، يلين الشمع ويعقد الملح، فكذلك القرآن يلين المؤمنين عند سماعه، ولا يزيد الكافرين إلا قسوةً، قال مالك بن دينار: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب، وما غضب الله تعالى على قوم إلا نزع منهم الرحمة، وقرىء {عن ذكر الله}؛ أي: فويل للذين غلظت قلوبهم عن قبول ذكر الله، وقال الزجاج، والفراء: {مِنْ} في القراءة المشهورة بمعنى، عن أي: عن ذكر الله، يقال: أتخمت عن طعام: أكلته، ومن طعام أكلته، وهذا الأخير أوضح، وأولى، كما قاله الشوكاني، وقال الله سبحانه وتعالى، لموسى عليه السلام في مناجاته: يا موسى لا تطل في الدنيا أملك فيقسو قلبك، والقلب القاسي مني بعيد، وكن خلق الثياب، جديد القلب، تخف على أهل الأرض، وتعرف في أهل السماء، وفي الحديث: تورث القسوة في القلب ثلاث خصال حب الطعام، وحب النوم، وحب الراحة. وفي الحديث أيضًا: «أفضلكم عند الله أطولكم جوعًا وتفكرًا، وأبغضكم إلى الله كل أكول شروب نؤوم، كلوا واشربوا في أنصاف البطون، فإنه جزء من النبوة».

{أُولئِكَ} البعداء الموصوفون، بما ذكر من قساوة القلب {فِي ضَلالٍ} بعيد عن الحق {مُبِينٍ} ظاهر كونه ضلالًا للناظر بأدنى نظر.

واعلم (?): أنّ الآية عامة فيمن شرح صدره للإسلام، بخلق الإيمان فيه، وقيل: نزلت في حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وأبي لهب، وولده، فحمزة وعلي ممن شرح الله صدرهما للإسلام، وأبو لهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015