وأما، والفرق بين أما، وألا: أن أما: للحال أو للماضي، وألا: للاستقبال، تقول: أما إن زيدا عاقل، تريد أنه عاقل في الحال، ولا تقول: ألا، وتقول: ألا إن زيدا لا يخاف؛ أي: في المستقبل، ولا تقول: أما، والفرق بينهما وبين ها، أنهما لا يدخلان إلا أول الكلام على الجملة بخلاف ها، فتدخل على الضمير وأسماء الإشارة، وإن لم تكن في أول الكلام، وتدخل أما على القسم كثيرا، وألا كثيرا على النداء، إذا تقرر هذا، فهل تكون هنا للاستقبال، مع أن كون الدين لله هو في كل زمان؟ والجواب: أن المراد هنا الاستقبال، بالنسبة لمن يعتنقون الدين الخالص على أنهما يتعاوران؛ أي: تأتي ألا لمجرد الاستفتاح، ولا يكون التنبيه مقصودًا.
{زُلْفى}؛ أي: تقريبًا. فهو مصدر مؤكد على غير لفظ العامل، ملاق له في المعنى. وعبارة «السمين»: زلفى مصدر مؤكد على غير العامل، ولكنه ملاق لعامله في المعنى، والتقدير: ليزلفوننا زلفى؛ أي: ليقربونا قربى، وجوز أبو البقاء أن يكون حالًا مؤكدة، انتهى.
{يُكَوِّرُ اللَّيْلَ} التكوير في الأصل: اللف، واللي، من كار العمامة على رأسه، وكورها، وفي تكويرهما أوجه، كما قاله الزمخشري:
1 - جعلهما خلفة، يذهب هذا ويغشي مكانه هذا، فكأنما ألبسه، ولف عليه كما يلف اللباس على اللابس.
2 - كون كل منهما يغيّب الآخر إذا طرأ عليه، فشبه في تغييبه إياه بشيء ظاهر، لف عليه ما غيّبه من مطامح الأبصار.
3 - إن هذا يكر على هذا كرورًا متتابعًا، فشبه ذلك، بتتابع أكوار العمامة بعضها على إثر بعض، وهو أوفق للاشتقاق، من أشياء قد ذكرت، وقال الراغب: كور الشيء: إدارته، وضم بعضه إلى بعض ككور العمامة، وقوله: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} إشارة إلى جريان الشمس في مطالعها وانتقاص الليل والنهار، وازديادهما، اهـ.