[35]

بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون، وفي رواية:

لأطوفن بمئة امرأة، فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، ونسي، قال العلماء: والشق: هو الجسد الذي ألقي على كرسيه، وهي عقوبته، ومحنته؛ لأنه لم يستثن، لما استغرقه من الحرص، وغلب عليه من التمني، وقيل: نسي أن يستثني، كما صح في الحديث، لينفذ أمر الله، ومراده فيه، وقيل: إن المراد بالجسد، الذي ألقي على كرسيه: أنه ولد له ولد، فاجتمعت الشياطين، وقال بعضهم: لبعض: إن عاش له ولد لم ننفك من البلاء، فسبيلنا أن نقتل ولده أو نخبله، فعلم بذلك سليمان، فأمر السحاب، فحمله، فكان يربيه في السحاب خوفا من الشياطين، فبينما هو مشتغل في بعض مهماته إذ ألقي ذلك الولد ميتا على كرسيه، فعاتبه الله تعالى على خوفه من الشياطين، ولم يتوكل عليه في ذلك، فتنبه لخطئه، فاستغفر ربه. فذلك قوله عز وجل: {وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنابَ}؛ أي: رجع إلى ملكه بعد الأربعين يومًا.

35 - وقيل: أناب إلى الاستغفار. وهو قوله: {قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي}؛ أي: سأل ربه المغفرة، فقال: رب اغفر لي؛ أي: قال سليمان وهو بدل من أَنابَ، وتفسير له: رب اغفر لي ما صدر مني، من الزلة التي لا تليق بشأني. وتقديم (?) الاستغفار على استيهاب الملك الآتي، لمزيد اهتمامه بأمر الدين، وجريا على عادة الأنبياء عليهم السلام والصالحين، في تقديم الاستغفار على السؤال، ولكون ذلك أدخل في الإجابة.

{وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي}؛ أي: لا يكون، ولا يحصل {لِأَحَدٍ} من الخلق {مِنْ بَعْدِي} إلي يوم القيامة. وقيل (?): لا تسلبنيه في باقي عمري، وتعطيه غيري كما سلبته مني فيما مضى من عمري، وقرأ الجمهور (?): {مِنْ بَعْدِي} بسكون الياء، ونافع، وأبو عمر بفتح الياء.

وذلك (?) بأن يكون الظهور به بالفعل في عالم الشهادة، في الأمور العامة والخاصة مختصًا بي. وهو الغاية التي يمكنه بلوغها، دل على هذا المعنى قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015