وهذه هي التي سنذكرها بعد.

وعبارة «الخازن» هنا: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ} بن داود عليهما السلام؛ أي (?): اختبرناه، وابتليناه، بسلب ملكه عنه، وكان سبب ذلك ما ذكر عن وهب بن منبه قال: سمع سليمان بمدينة في جزيرة من جزائر البحر، يقال لها: صيدون، وبها ملك عظيم الشأن، ولم يكن للناس إليه سبيل لمكانه في البحر، وكان الله تعالى، قد آتى سليمان في ملكه سلطانًا، لا يمتنع عليه شيء في بر ولا بحر، إنما يركب إليه الريح، فخرج إلى تلك المدينة، تحمله الريح على ظهر الماء، حتى نزل بها بجنوده من الجن والإنس، فقتل ملكها، وسبى ما فيها، وأصاب فيما أصاب بنتا لذلك الملك، يقال لها: جرادة، لم ير مثلها حسنًا وجمالًا، فاصطفاها لنفسه، ودعاها إلى الإسلام، فأسلمت على جفاء منها وقلة فقه، وأحبها حبًا لم يحبه شيئًا من نسائه، وكانت على منزلتها عنده لا يذهب حزنها، ولا يرقأ دمعها، فشق ذلك على سليمان، فقال لها: ويحك ما هذا الحزن الذي لا يذهب، والدمع الذي لا يرقأ؟ قالت: إني أذكر أبي، وأذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه، فيحزنني ذلك، فقال سليمان: فقد أبدلك الله به ملكا هو أعظم من ملكه، وسلطانًا أعظم من سلطانه، وهداك إلى الإسلام، وهو خير من ذلك، قالت: إن ذلك كذلك، ولكني إذا ذكرته أصابني ما تراه من الحزن، فلو أنك أمرت الشياطين، فصوروا لي صورته في داري التي أنا فيها، أراها بكرة وعشيًا، لرجوت أن يذهب ذلك حزني، وأن يسلي عني بعض ما أجد في نفسي، فأمر سليمان الشياطين، فقال: مثّلوا لها صورة أبيها في دارها، حتى لا تنكر منه شيئًا، فمثّلوه لها حتى نظرت إلى أبيها بعينه؛ إلا أنه لا روح فيه، فعمدت إليه حين صنعوه، فألبسته ثيابًا مثل ثيابه التي كان يلبسها، ثم كانت إذا خرج سليمان من دارها، تغدوا إليه في ولائدها، فتسجد له، ويسجدن معها كما كانت تصنع في ملكه، وتروح في كل عشية بمثل ذلك، وسليمان لا يعلم بشيء من ذلك أربعين صباحًا، وبلغ ذلك آصف بن برخيا، وكان صديقًا، وكان لا يرد عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015