صالح قال: حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ}. يقول: جعل يمسح أعراف الخيل، وعراقيبها حبًا لها، وقال الطبري: وهذا القول الذي ذكرناه عن ابن عباس أشبه بتأويل الآية؛ لأن نبي الله عليه السلام، لم يكن إن شاء الله ليعذب حيوانا بالعرقبة يعني ضرب أعناقها وعراقيبها بالسيف ويهلك مالًا من أمواله بغير سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها، ولا ذنب لها باشتغاله بالنظر إليها، اهـ.
وخلاصة معنى الآية على هذا القول (?): أن سليمان احتياطًا للغزو، أراد أن يعرف قوة خيوله، التي تتكون منها قوة الفرسان، فجلس وأمر بإحضارها وإجرائها أمامه، وقال: إني ما أحببتها للدنيا ولذاتها، وإنما أحببتها لأمر الله، وتقوية دينه، حتى إذا ما أجريت وغابت عن بصره، أمر راكضيها بأن يردوها إليه، فلما عادت طفق يمسح سوقها وأعناقها سرورًا بها، وامتحانا لأجزاء أجسامها، ليعرف ما بها فربما يكون فيها من عيوب قد تخفى، فتكون سببا في عدم أدائها مهمتها على الوجه المرضي.
وقال الشوكاني: وقد اختلف (?) المفسرون في تفسير هذه الآية، فقال قوم: المراد بالمسح: قطع أعناقها وعراقيبها بالسيف، وقال آخرون منهم: الزهري، وقتادة: إن المراد بالمسح: كشف الغبار عن سوقها وأعناقها، وإزالته عنها، حبا لها وتشريفا لها، والقول الأول أولى بسياق الكلام، فإنه ذكر أنه آثرها على ذكر ربه، حتى فاتته صلاة العصر، ثم أمرهم بردها عليه، ليعاقب نفسه بإفساد ما ألهاه عن ذلك، وما صده عن عبادة ربه، وشغله عن القيام بما فرضه الله عليه، ولا يناسب هذا، أن يكون الغرض من ردها عليه، هو كشف الغبار عن سوقها، وأعناقها بالمسح عليها بيده، أو بثوبه، ولا متمسك لمن قال: إن إفساد المال، لا يصدر عن النبي، فإن هذا مجرد استبعاد، باعتبار ما هو المتقرر في شرعنا، مع جواز أن يكون في شرع سليمان، أن مثل هذا مباح، على أن إفساد المال