باطلًا، أو على الحالية؛ أي (?): ذوي باطل، بمعنى مبطلين عابثين، كقوله: {وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ (38)}، أو على أنه مفعول لأجله؛ أي: للعبث واللهو، بل للحكمة.

والمعنى: أي وما أوجدنا السماء، وما فيها من زينة ومنافع للناس، والأرض، وما فيها من فوائد في ظاهرها، وباطنها لهم، وما بينهما مما يعلمون، وما لا يعلمون لهوًا ولعبًا، بل خلقناها مشتملة على حكم باهرة، وأسرار بالغة، ومصالح جمة، فقد خلقناها للعمل فيها بطاعتنا، والانتهاء إلى أمرنا ونهينا، فإنا لن نترك الناس سدى، بل سنعيدهم بعد موتهم إلى حياة أخرى يحاسبون فيها على النقير، والقطمير، والقليل، والكثير، ثم يلقون الجزاء على ما كسبت أيديهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ونحو الآية قوله: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)}.

ثم بيّن أن هذا الظن الفاسد، قد ظنه الذين كفروا بالله تعالى، وجحدوا آياته. فقال: {ذلِكَ}؛ أي: كونه خلقًا باطلًا خاليا عن الغاية، والحكمة الباهرة. {ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}؛ أي (?): مظنون كفار مكة، فإنهم وإن كانوا مقرين بأن الله هو الخالق، لكن لما اعتقدوا بأن الجزاء الذي هو علة خلق العالم باطل، لزمهم أن يظنوا أن المعلول باطل، ويعتقدوا ذلك؛ أي: أنهم يظنون أن هذه الأشياء خلقت لا لغرض، ويقولون: إنه لا قيامة، ولا بعث، ولا حساب، وذلك يستلزم أن يكون خلق هذه المخلوقات باطلًا.

والفاء في قوله: {فَوَيْلٌ}: فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت كون مظنونهم هذا، وأردت بيان عاقبتهم .. فأقول لك: الهلاك كل الهلاك، أو شدة الهلاك حاصل {لِلَّذِينَ كَفَرُوا} خبر لويل. {مِنَ النَّارِ} {مِنَ}: تعليلية، مفيدة لعلية النار، لثبوت الويل لهم صريحًا، بعد الإشعار بعلية ما يؤدي إليها من ظنهم وكفرهم؛ أي: فويل لهم بسبب النار المترتبة على ظنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015