وتوحيده، ثم يجمعهم يوم الجمع فيثيب المطيعين، ويعذب الكافرين، ثم أردف ذلك، ببيان فضل القرآن، الذي أنزله على رسوله هاديًا للناس، ومنقذًا لهم من الضلالة إلى الهدى، فإذا هم تدبروا آياته، واتعظوا بعظاتها .. سعدوا في الدارين، وبلغوا السماكين، وكانوا سادة العالم أجمع.
قوله تعالى: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه (?) لما حكى عن كفار قريش سفاهتهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوصفوه بأنه ساحر كذاب، وقالوا استهزاء: ربنا عجل لنا قطنا .. أمره بالصبر على أذاهم لوجهين:
أحدهما: إن المتقين من الأنبياء قبله صبروا على كثير من المكاره، فعليه أن يقتدي بهم، ويجعلهم أسوة له.
وثانيهما: ما ذكره في هذه الآيات والتي بعدها، من أن من أطاع الله، كان له من الثواب كذا وكذا، ومن خالفه، كان له من العقاب كذا وكذا، وكل ذلك مما يوجب الصبر على الأذى حين تبليغ الرسالة، وعلى ما يلاقيه من المكاره.
التفسير وأوجه القراءة
27 - {وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما} من المخلوقات، جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من أمر البعث، والحساب، أي: ما خلقنا هذه الأشياء خلقًا {باطِلًا}؛ أي: عبثًا خارجًا عن الحكمة الباهرة، بل (?) خلقناها للدلالة على قدرتنا، وليكون مدارًا للعلم والعمل، ومذكرًا للآخرة وما فيها من الحساب والجزاء، فإن الدنيا لا تخلو عن الصفو والكدر، وكل منهما يفصح عما في الآخرة من الراحة والخطر، وأيضًا ليكون مرآة يشاهد فيها المؤمنون الذين ينظرون بنور الله، شواهد صفات الجمال والجلال، فانتصاب {باطِلًا} إما على المصدرية؛ أي: خلقًا