على كل منهم {عِقابِـ} ـي الذي كانت جناياتهم، توجبه من أصناف العقوبات المفصلة في مواقعها، فأهلك الله قوم نوح بالغرق والطوفان، وقوم هود بالريح، وفرعون وقومه بالغرق، وقوم صالح بالصيحة، وقوم لوط بالخسف، وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة.
والمعنى: أي إن كل هذه الأمم الخالية، والقرون الماضية وقد كانوا أشد من قومك هؤلاء، أهل مكة، كذبوا أنبياءهم، فحل بهم العذاب، فكيف بهؤلاء الضعفاء، إذا نزل بهم ما لا قبل لهم به من عذابي؟. وفي الآية زجر وتخويف للسامعين. وقرأ يعقوب (?): {عقابي} بإثبات الياء، وحذفها الباقون مطابقة لرؤوس الآي.
وفي «فتح الرحمن» (?): ختم أواخر آياته هنا، بما قبل آخره ألف، وآيات قوله في {ق}: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} إلى قوله: {فَحَقَّ وَعِيدِ} بما قبل آخره ياء، أو واو، موافقةً لبقية فواصل السورتين، انتهى.
15 - ثم بيّن عقاب كفار قريش إثر بيان عقاب أضرابهم، فقال: {وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ} الإشارة إلى كفار مكة بهؤلاء تحقير لشأنهم، وتهوين لأمرهم، أي: وما ينتظر هؤلاء الكفرة، من أهل مكة، الذين هم أمثال أولئك الطوائف المذكورة المهلكة في الكفر والتكذيب {إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً} هي النفخة الثانية؛ أي: ليس بينهم وبين حلول ما أعد لهم من العقاب الفظيع إلا هي، حيث أخرت عقوبتهم إلى الآخرة لما أن تعذيبهم بالاستئصال حسبما يستحقونه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم خارج عن السنة الإلهية: المبنية على الحكم الباهرة، كما نطق به قوله تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}.
ثم إن (?) الانتظار يحتمل أن يكون حقيقةً أو استهزاءً، فهم وإن كانوا ليسوا بمنتظرين، لأن تأتيهم الصيحة إلا أنهم جعلوا منتظرين لها تنبيهًا على قربها منهم،