لذكرى لمن يتذكر، وعبرة لمن يعتبر. وإنما لم ينتفع به الكافرون لأنهم {فِي عِزَّةٍ}؛ أي: استكبار عنه وحمية، {وَشِقاقٍ}؛ أي: ومخالفة له، ومعاندة، ومفارقة، اهـ.

وقولنا: والواو في قوله: {وَالْقُرْآنِ} للقسم إن جعل (?) {ص} اسمًا للحرف ومذكورًا للتحدي أو للرمز بكلام، مثل: صدق محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو اسمًا للسورة خبرًا لمحذوف؛ أي: هذه السورة {ص}، وللعطف إن جعل مقسمًا به؛ أي: أقسمت بـ {ص} وبالقرآن ذي الذكر، والجواب محذوف دل عليه ما في {ص} من الدلالة على التحدي، والتقدير؛ أي: أقسمت بـ {ص} وبالقرآن ذي الذكر أنه لمعجز، أو الواجب العمل به، أو إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لصادق. «وفي الشوكاني»: واختلف في جواب هذا القسم ما هو؟. فقال الزجاج، والكسائي، والكوفيون، غير الفراء: إن الجواب قوله: {إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ}. وقال الفراء: لا نجده مستقيمًا لتأخره جدًا عن قوله: {وَالْقُرْآنِ}. ورجح هو، وثعلب: أن الجواب قوله: {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ}. ومعناه: لكم أهلكنا، فلما طال الكلام حذفت اللام، ومثله قوله: «والشمس وضحاها قد أفلح». فإن المعنى: لقد أفلح، غير أنه لما اعترض بينهما كلام تبعه قوله: {قَدْ أَفْلَحَ}. وقال الأخفش: الجواب هو قوله: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (14)}. وقيل: الجواب هو صاد؛ لأن معناه: حق وثبت إرسالك أقسمت بالقرآن، أو حق واجب اتباعك أقسمت بالقرآن. أو المعنى: والقرآن ذي الذكر لقد صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - كقولك: وجب والله نزل والله، ذكره ابن الأنباري. وروي أيضًا عن ثعلب، والفراء. وهو مبني على أن جواب القسم، يجوز تقدمه، وهو ضعيف جدًا. وقيل: الجواب محذوف، تقديره: أقسمت بالقرآن ذي الذكر ما الأمر كما يزعم الكفار. ويدل على هذا المحذوف قوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (2)}، ذكره جماعة من المفسرين، وإلى نحوه ذهب قتادة. وهو الذي رجحه الطبري في تفسيره. وقال ابن عطية: والقول بالحذف أولى. وقيل: إن قوله: {ص} مقسم به، وعلى هذا القول تكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015