منه حرف القسم، نحوه: قوله: الله لأفعلن، وهو اسم للسورة، وامتنع من الصرف للعلمية والتأنيث. وقيل: نصب على الإغراء. وقيل: معناه: صاد محمد - صلى الله عليه وسلم - قلوب الخلق، واستمالها حتى آمنوا به. وروي عن ابن أبي إسحاق أيضًا. أنه قرأ {صاد}، بالكسر والتنوين، تشبيهًا لهذا الحرف بما هو غير متمكن من الأصوات. وقرأ هارون الأعور، وابن السميقع: {صاد}، بالضم من غير تنوين على البناء، نحو: منذ، وحيث، فجملة القراءات في {ص} خمس. والجمهور على السكون. قال ابن جرير الطبري: والصواب من القراءة في ذلك عندنا السكون؛ لأن ذلك القراءة التي جاء بها قرّاء الأمصار مستفيضة فيهم، وأنها حروف هجاء لأسماء المسميات، فيعربن إعراب الأسماء والأدوات الأصوات، فيسلك بهن مسالكهن، فتأويلها إذا كانت كذلك تأويل نظائرها التي تقدم بيانها فيما مضى، اهـ.
والواو في قوله: {وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} هي واو القسم. والإقسام بالقرآن فيه تنبيه على شرف قدره، وعلو منزلته. وفي المراد (?) بالذكر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الشرف؛ أي: والقرآن صاحب الشرف، والعظمة، والمنزلة كما في قوله تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ}؛ أي: شرفكم؛ أي: أن من آمن به له شرف في الدارين، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، والسدي.
والثاني: البيان؛ أي: والقرآن صاحب البيان؛ أي: الذي يبين ما يحتاج إليه في الدين من العقائد والأحكام، قاله قتادة.
والثالث: التذكير، والموعظة؛ أي: القرآن صاحب الموعظة والتذكير لمن اتعظ، قاله الضحاك، ورجح الطبري القول الثالث، وهو أنه بمعنى التذكير.
قال: لأن الله تعالى أتبع ذلك قوله: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (2)}، فكان معلوما بذلك، أنه إنما أخبر عن القرآن، أنه أنزله ذكرًا لعباده ذكرهم به، وأن الكفار من الإيمان به في عزة وشقاق، اهـ. وقال ابن كثير: إن في هذا القرآن