تحت هذه الكلمة، كالقدوس: وهو الطاهر من كل عيب، والسلام: وهو الذي سلم من كل آفة، فنفينا بسبحان الله كل عيب عقلناه، وكل نقص فهمناه.
181 - ثم إن المرسلين لما كانوا وسائط بين الله، وبين عباده، نبه على علو شأنهم بقوله: {وَسَلامٌ}؛ أي: وسلامة، ونجاة من كل المكاره، وفوز بجميع المآرب، كائن {عَلَى الْمُرْسَلِينَ} الذين يبلّغون رسالات الله إلى الأمم، ويبيّنون لهم ما يحتاجون إليه من الأمور الدينية والدنيوية، أولهم آدم، وآخرهم محمد عليهم الصلاة والسلام، فهو تعميم للرسل، بالتسليم بعد تخصيص بعضهم فيما سبق؛ لأن تخصيص كل واحد بالذكر يطول.
182 - {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}؛ أي: على هلاك الأعداء، ونصرة الأنبياء، وقيل: الغرض من ذلك: تعليم المؤمنين أن يقولوه، ولا يخلّوا به، ولا يغفلوا عنه، لما روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، قال: من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى، من الأجر يوم القيامة، فليكن أخر كلامه إذا قام من مجلسه {سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)}. وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مرة، ولا مرتين، يقول في آخر صلاته أو حين ينصرف: {سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)}.
والمعنى: أي تنزيهًا لربك أيها الرسول، رب القوة والغلبة، عما يصفه به هؤلاء المفترون، من مشركي قريش من نحو قولهم: ولد الله، وقولهم: الملائكة بنات الله، وأمنة من الله سبحانه للمرسلين، الذين أرسلهم إلى أممهم من العذاب الأكبر، ومن أن ينالهم مكروه من قبله تعالى، والحمد لله رب الثقلين، الجن والإنس، خالصًا له دون من سواه؛ لأن كل نعمة لعباده، فهي منه.
الإعراب
{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثًا وَهُمْ شاهِدُونَ (150)}.