بالإفراد. وقرأ الضحاك بالجمع، انتهى من البحر. والمراد بالكلمة (?): ما وعدهم الله تعالى من النصر والظفر على الكفار. قال مقاتل: عنى بالكلمة قوله سبحانه: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}. وقال الفراء: سبقت كلمتنا بالسعادة لهم. والأولى تفسير هذه الكلمة بما هو مذكور هنا. فإنه قال: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172)} إلخ، ثم إن السبق والتقدم الموقوف على الزمان إنما هو بالنسبة إلى الإنسان، وإلا فالأمر بالإضافة إلى الله كائن على ما كان؛ أي: وعزتي وجلالي لقد سبقت، وتقدمت في الأزل، أو كتبت في اللوح المحفوظ كلمتنا؛ أي: وعدنا على ما لنا من العظمة. {لِعِبادِنَا} الذين أخلصوا لنا العبادة في كل حركة وسكون {الْمُرْسَلِينَ}؛ أي: الذين زدناهم على شرف الإخلاص في العبودية شرف الرسالة.
172 - ثم فسر ذلك الوعد بطريق الاستئناف، فقال: {إِنَّهُمْ}؛ أي: إن عبادنا المذكورين {لَهُمُ} خاصة {الْمَنْصُورُونَ} فمن نصرناه فلا يغلب، كما أن من خذلناه لا ينصر.
173 - ثم عمم فقال: {وَإِنَّ جُنْدَنا} وحزبنا من المرسلين، وأتباعهم المؤمنين {لَهُمُ}؛ أي: لا غيرهم {الْغالِبُونَ} على أعدائهم في الدنيا والآخرة. قال الشيباني: جاء هنا بالجمع مع كون المسند إليه مفرد اللفظ، من أجل أنه رأس آية. ووصفهم (?) بالغلبة لا ينافيه انهزامهم في بعض المواطن، وغلبة الكفار لهم، فإن الغالب في كل موطن هو انتصارهم على الأعداء وغلبتهم لهم، فخرج الكلام الغالب، فالحكم للغالب، والنادر كالمعدوم، والمغلوبية قد تكون لعارض لمخالفة أمر القائد، والطمع في الدنيا، والعجب، والغرور بكثرة العدة والعدد، على أن العاقبة المحمودة لهم على كل حال، وفي كل موطن كما قال سبحانه: {وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
174 - ثم أمر الله سبحانه رسوله بالإعراض عنهم، والإغماض عما يصدر منهم من الجهالات والضلالات، فقال: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} والفاء فيه فاء الفصيحة؛ لأنها