[153]

[154]

والفساد. يعني: انتبهوا، واعلموا أن مبنى مذهبهم الفاسد ليس إلا الإفك الصريح، والافتراء القبيح من غير أن يكون لهم دليل قطعي أو شبهة دليل. فإنه تعالى لم يلد ولم يولد.

153 - ثم كرر سبحانه تقريعهم وتوبيخهم، ونقض الدعوى من أساسها مبينًا أن العقل لا يتقبلها. فقال: {أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)} قرأ الجمهور بفتح الهمزة على أنها للاستفهام الإنكاري الاستبعادي، دخلت على ألف الافتعال، أصله: أاصطفى، فحذفت همزة الافتعال التي هي همزة الوصل استغناءً بهمزة الاستفهام، والاصطفاء: أخذ صفوة الشيء لنفسه؛ أي: أتقولون: إنه تعالى اختار البنات على البنين مع نقصانهن رضى بالأخس الأدنى؛ أي: أي شيء يحمله على أن يختار البنات، ويترك البنين. والعرف، والعادة، والمنطق السليم شاهد صدق على غير هذا. ونحو الآية قوله: {أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)}. وقرأ (?) نافع في رواية عنه، وأبو جعفر، وشيبة، والأعمش بهمزة وصل مكسورة تثبت ابتداء وتسقط درجًا، ويكون الاستفهام منويًا، قاله الفراء. وحذف حرفه للعلم به من المقام، أو على أن {أَصْطَفَى} وما بعده بدل من الجملة المحكية بالقول، وعلى تقدير عدم الاستفهام والبدل، فقد حكى جماعة من المحققين، منهم: الفراء أن التوبيخ يكون باستفهام وبغير استفهام، كما في قوله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا}. وقيل: هو على إضمار القول.

154 - {مَا لَكُمْ}؛ أي: أي (?) شيء ثبت لكم في هذه الدعوى {كَيْفَ تَحْكُمُونَ} على الغني عن العالمين بهذا الحكم، تقضي ببطلانه بديهة العقول، ارتدعوا عنه، فإنه جور. قال ابن الشيخ: هاتان جملتان استفهاميتان، ليس لأحدهما تعلق بالأخرى من حيث الإعراب. استفهم أولًا عما استقر لهم، وثبت استفهام إنكار، ثم استفهم استفهام تعجب من حكمهم هذا الحكم الفاسد، وهو أن يكون أحسن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015