إبراهيم في الباقين من الأمم هذا الكلام بعينه، كما سبق في قصة نوح.
والمعنى: أثبت الله التسليم على إبراهيم، وأدامه في الآخرين، فيسلمون عليه؛ أي: يدعون له بثبوت هذه التحية.
110 - {كَذلِكَ}؛ أي: مثل ذكره الجميل فيما بين الأمم {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} بالثناء الحسن. فالكاف (?) متعلقة بما بعدها. وذلك إشارة إلى بقاء ذكره الجميل فيما بين الأمم، لا إلى ما أشير إليه فيما سبق، فلا تكرار؛ أي: مثل ذلك الجزاء الكامل نجزي المنقادين لأوامرنا، لا جزاء أدنى منه، يعني أن إبراهيم من المحسنين، وما فعلناه مما ذكر مجازاة على إحسانه.
111 - {إِنَّهُ}؛ أي: إن إبراهيم {مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} الراسخين في الإيمان على وجه الإيقان والاطمئنان. وفي «التأويلات النجمية» أي من عبادنا المخلصين، لا من عباد الدنيا، والهوى، والسوى. وفي «فتح الرحمن»: إن قلت: لم قال هنا: كذلك نجزي المحسنين بحذف إنا، وأثبته في آخر غيرها من القصص؟
قلت: حذفه في قصة إبراهيم اختصارًا واكتفاءً بذكره له قبل في قصته بقوله: وناديناه أن يا إبراهيم الآية، مع أن ما بعد قصته كان من تكملتها، وهو قوله: {وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112)} بخلاف سائر القصص، انتهى.
112 - ثم أعقب ذلك بنعمة رابعة، وهي نعمة الولد، فقال: {وَبَشَّرْناهُ}؛ أي: إبراهيم، والتبشير: هو الإخبار بما يظهر سرورًا في المخبر به. {بِإِسْحاقَ} من سارة رضي الله عنها حال كونه {نَبِيًّا} أي: مقضيًا بنبوته، مقدرًا كونه {مِنَ الصَّالِحِينَ}؛ أي: بشرنا إبراهيم بولد يولد له، ويصير نبيًا بعد أن يبلغ السن التي يتأهل فيها لذلك، وانتصاب {نَبِيًّا} على الحال، وهي حال مقدرة، والأولى (?) أن يقال: إن من فسّر الذبيح بإسحاق جعل البشارة هنا خاصة بنبوته، ولا حاجة إلى وجود المبشر به وقت البشارة، فإن وجود ذي الحال ليس بشرط، وإنما الشرط المقارنة للفعل. وفي ذكر الصلاح بعد النبوة تعظيم لشأنه، وإيماء إلى أنه