بالعزم على الإتيان بالمأمور به، وترتيب مقدماته. وفي «شرح الفصوص» للمولى الجامي: معناه؛ أي: حققت الصورة المرئية، وجعلتها صادقة مطابقة للصورة الحسية الخارجية بالإقدام على الذبح، والتعرض لمقدماته. وقد قيل: إنه أمر السكين، بقوته على حلقه مرارًا، فلم يقطع، ثم وضع السكين على قفاه، فانقلب السكين، فعند ذلك وقع النداء.
والمعنى: أي ناداه من خلفه ملك من قبله تعالى: أن قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك ولدك للذبح، فقد بان امتثالك للأمر، وصبرك على القضاء. وقال القرطبي: قال أهل السنة: إن نفس النسخ لم يقع، ولو وقع لم يتصور رفعه. فكان هذا من باب النسخ قبل الفعل؛ لأنه لو حصل الفراغ من امتثال الأمر بالذبح ما تحقق الفداء.
105 - قال: ومعنى {صَدَّقْتَ الرُّؤْيا}: فعلت ما أمكنك ثم امتنعت لما منعناك. هذا أصح ما قيل في هذا الباب.
وقد اختلف في جواب {لما} ماذا هو؟ فقيل: هو محذوف (?) إيذانًا بعدم وفاء التعبير بتفاصيله، كأنه قيل: كان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان، من استبشارهما وشكرهما لله تعالى، على ما أنعم به عليهما من رفع البلاء، بعد حلوله، والتوفيق لما لم يوفّق أحد لمثله، وإظهار فضلهما بذلك على العالمين، مع إحراز الثواب العظيم، إلى غير ذلك، هكذا قال البصريون، وقال الكوفيون: الجواب: هو ناديناه، والواو زائدة مقحمة، واعترض عليهم النحاس: بأن الواو من حروف المعاني، ولا يجوز أن تزاد، وقال الأخفش: الجواب: وتلّه للجبين، والواو زائدة، وروي هذا أيضًا عن الكوفيين، واعتراض النحاس يرد عليه كما ورد على الأول.
وقرأ زيد بن علي {وناديناه} قد صدقت بحذف {أن}. وقرىء {صدَقت} بتخفيف الدال. وقرأ فيّاض {الريا} بكسر الراء والإدغام.
وقوله: {إِنَّا} نحن {كَذلِكَ}؛ أي: كما جزينا إبراهيم وابنه بتفريج الكرب