[102]

وبلوغه سن المراهقة بقوله: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ}. إذ هو لا يقدر على الكد والعمل إلا بعد بلوغ هذه السن، ثم أتبعه بقص الرؤيا عليه، وإطاعته في تنفيذ ما أمر به، وصبره عليه، ولما حان موعد التنفيذ، كبّه على وجهه للذبح، فأوحى إليه ربه أنه فداه بذبح عظيم، ثم بشره بإسحاق نبيًا من الصالحين، وبارك عليه وعلى إسحاق، وأنه سيكون من ذريتهما من هو محسن فاعل للخيرات، ومنهم من هو ظالم لنفسه مجترح للسيئات.

التفسير وأوجه القراءة

102 - والظرف في قوله: {فَلَمَّا بَلَغَ} الغلام {مَعَهُ}؛ أي: مع إبراهيم، متعلق بقوله: {السَّعْيَ}. وجاز (?) التعلق به؛ لأنه ظرف فيكفيه رائحة من الفعل، لا ببلغ لاقتضائه بلوغهما معا حد السعي، ولم يكن معًا كذا في «بحر العلوم». والفاء فيه فاء الفصيحة؛ لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا عرفت أنّا بشرناه بغلام حليم، وأردت بيان عاقبته فأقول لك: لما بلغ الغلام أوان أن يسعى مع إبراهيم في أشغاله وحوائجه ومصالحه، وكان له يومئذ ثلاث عشرة سنة. {قالَ} إبراهيم للغلام، وهذا جواب الشرط {يا بُنَيَّ} تصغير شفقة {إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} قربانًا لله تعالى؛ أي: أرى هذه الصورة بعينها، أو ما هذه عبارته وتأويله؛ أي: قال إبراهيم لابنه لما بلغ معه ذلك المبلغ: إني رأيت في المنام هذه الرؤيا. قال مقاتل: رأى إبراهيم ذلك ثلاث ليال متتابعات. قال قتادة: رؤيا الأنبياء حق إذا رأوا شيئًا فعلوه. وقيل: إنه (?) رآى ليلة التروية، كأن قائلا يقول له: إن الله يأمرك بذبح ابنك هذا، فلما أصبح، روّى في ذلك من الصباح إلى الرواح، أمن الله تعالى هذا الحلم، أم من الشيطان، فمن ثمة سمّي يوم التروية، فلما أمسى رأى مثل ذلك، فعرف أنه من الله تعالى، فمن ثمة سمي يوم عرفة، ثم رأى في الليلة الثالثة مثل ذلك، فهم بنحره، فسمي اليوم يوم النحر.

{فَانْظُرْ} يا بني {ماذا} منصوب بقوله: {تَرى} من الرأي فيما ألقيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015